1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله الدين النصيحة
صفحة جزء
[ ص: 73 ] 227 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : الدين النصيحة ، ومن جوابه لمن قال له : لمن يا رسول الله ؟ بما أجابه عن ذلك

1439 - حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا صفوان بن عيسى ، قال : حدثنا محمد بن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الدين النصيحة - ثلاثا - قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله عز وجل ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .

[ ص: 74 ]

1440 - حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا عبد القدوس بن محمد ، قال : حدثني محمد بن جهضم ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن ابن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، وعن سمي ، وعن عبيد الله بن مقسم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر مثله .

1441 - حدثنا الحسن بن غليب بن سعيد الأزدي ، قال : أخبرنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثني الليث بن سعد ، قال : حدثني ابن العجلان ، عن زيد بن أسلم ، وعن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر مثله .

1442 - حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا علي بن قادم ، قال : حدثنا [ ص: 75 ] سفيان ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن عطاء بن يزيد ، عن تميم الداري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... فذكر مثله .

قال أبو جعفر : وهذا الإسناد مما يذكر أهل العلم بالأسانيد أن علي بن قادم غلط فيه ، فأدخل فيه أبا سهيل وهو أبو صالح بين سهيل وبين عطاء بن يزيد ، ويذكرون أن أصل هذا الإسناد ، عن سهيل ، عن عطاء نفسه .

1443 - كما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، قال : حدثنا سهيل بن أبي صالح ، عن عطاء بن يزيد ، عن تميم الداري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر مثله .

[ ص: 76 ] قال أبو جعفر : ومما قد دل على ما قالوه في ذلك

1444 - ما حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الدين النصيحة } ، ثم ذكر مثله من غير أن يذكر فيه من بعد أبي صالح ، أخذ يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : سفيان فلقيت سهيل بن أبي صالح ، فقلت حديث حدثنيه عمرو بن دينار ، عن القعقاع ، عن أبيك ، أسمعته منه ؟ قال : وما هو ؟ قلت : قول النبي صلى الله عليه وسلم :{ الدين النصيحة } ، فقال سهيل : أنا سمعته من الذي سمعه أبي منه ، قال : سمعت رجلا من أهل الشام - يقال له : عطاء بن يزيد الليثي - يحدث به أبي ، عن تميم الداري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الدين النصيحة ... ثم ذكر بقية الحديث .

[ ص: 77 ] قال أبو جعفر : فدل ذلك أن أصل الحديث من حديث أبي صالح إنما هو ، عن عطاء بن يزيد ، عن تميم ، اللهم إلا أن يكون أبو صالح سمعه من عطاء بن يزيد وسمعه من أبي هريرة أيضا .

وقد روى هذا الحديث عبد الله بن نافع ، عن مالك ، عن سهيل ، فخالف الناس في إسناده .

1445 - كما قد حدثنا عبيد بن رجال ، قال : حدثنا أحمد بن صالح ، قال : قرأت على عبد الله بن نافع ، قال : أخبرني مالك ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر الحديث ، كما ذكرنا سواء .

[ ص: 78 ]

1446 - وقد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا معلى بن أسد ، قال : حدثنا عبد العزيز بن المختار ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن عطاء بن يزيد ، عن تميم الداري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر هذا الحديث ، كما ذكره فهد ، عن أبي غسان ، عن زهير ، عن سهيل .

[ ص: 79 ] قال أبو جعفر : فقوي في القلوب أن أصل هذا الحديث عن سهيل ، هو كما حدثه عنه زهير بن معاوية وعبد العزيز بن المختار لا كما قد حدثه سواهما ، لا سيما وقد بين ابن عيينة عنه في ذلك ما قد ذكرناه ، عن بكار ، عن إبراهيم بن بشار في هذا الباب ، وقد وجدنا هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير حديث أبي هريرة وتميم الداري .

1447 - كما قد حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو همام الدلال ، قال : حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ونافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الدين النصيحة ... } ثم ذكر بقية الحديث كمثل حديثه عن صفوان الذي ذكرناه في هذا الباب .

[ ص: 80 ] فقال قائل : كيف تقبلون هذا وتصححونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه : الدين النصيحة ، وكيف يكون الدين النصيحة ، وقد وجدتم الله عز وجل قال في كتابه : إن الدين عند الله الإسلام .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مخالف لما تلاه علينا من كتاب الله عز وجل ، إذ كانت النصيحة من الإسلام ، وقد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها من بايعه على الإسلام .

1448 - كما حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن زياد بن علاقة ، قال : سمعت جرير بن عبد الله يقول : { بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم } . قال جرير : وإني لكم لناصح .

[ ص: 81 ]

1449 - وكما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن زياد بن علاقة ، قال : شهدت جرير بن عبد الله ... ثم ذكر عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .

فكان فيما ذكرنا ما قد دل على أن النصيحة من الإسلام .

فقال هذا القائل : أفهي كل الإسلام الذي هو الدين على ما في هذه الآثار التي رويتموها في هذا الباب ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنها ليست كل الدين ، ولكنها بمكان من الدين جليل ، وكل ما جل من جنس من الأجناس جاز أن يطلق له الاسم الذي يسمى به ذلك الجنس ، فيذكر به كما يذكر به ذلك الجنس ، من ذلك أنك تقول : الناس العرب ، وفيهم غير العرب لجلالة العرب في الناس ؛ ولأنهم يبينون بالخاصية التي فيهم عن سائر الناس ، فجاز بذلك أن يقال : هم [ ص: 82 ] الناس ، ومن ذلك قولهم : المال النخل لجلالة النخل في الأموال ، وإن كان في الأموال سوى النخل ، فمثل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الدين النصيحة } ، هو لجلالة موضع النصيحة من الدين ، وإن كان في الدين سواها .

فقال هذا القائل : فما معنى ما في تلك الآثار من قوله : ولكتابه ؟ فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن ذلك عندنا على تعليم كتابه وعلى النصح لمن يعلمونه إياه في تعليمهم ما يحتاجون إلى علمه من محكمه ومن متشابهه ، وما يعملون به منه ، وما يقفون عنده منه ؛ لأن الناس كانوا كذلك في أول الإسلام يتعلمون القرآن .

1450 - كما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن ابن مسعود ، قال : كنا نتعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات فما نعلم العشر التي بعدهن حتى نتعلم ما أنزل في هذه العشر من العمل .

[ ص: 83 ]

1451 - وكما حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، قال : حدثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : أخبرنا أصحابنا الذين كانوا يعلمونا ، قالوا : كنا نعلم عشر آيات ، فما نتجاوزهن حتى نعلم ما فيهن من عمل .

[ ص: 84 ]

1452 - وكما حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا الخصيب بن ناصح الحارثي ، قال : حدثنا همام بن يحيى ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : كان أصحابنا يقرئونا ويعلمونا ويخبرونا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرئ أحدهم عشر آيات ، فما يجوزها حتى يتعلم العمل فيها . قال : وقالوا : علمنا القرآن والعمل جميعا .

1453 - وكما حدثنا فهد ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا [ ص: 85 ] عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن القاسم بن عوف ، قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : لقد عشنا برهة من دهر وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن ، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم ، فيتعلم حلالها وحرامها ، وآمرها وزاجرها ، وما ينبغي أن يوقف عنده منها ، كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن ، ثم لقد رأيت اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان ، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ، ولا يدري ما آمره ، ولا زاجره ، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه ، وينتثره نثر الدقل .

فكان فيما روينا كيفية تعليم الناس كان القرآن ، وكيفية أخذهم كان إياه ، وفي ذلك من المشقة على من كان يعلمه ، وعلى من كان يتعلمه ما لا خفاء به على سامعي هذه الآثار ، فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 86 ] من سأله عن النصيحة التي ذكرها في هذه الآثار ، لمن هي ؟ وفي ذلك النصيحة لكتاب الله ، والنصيحة له هي النصيحة لمن يأخذه تعليما ممن يأخذه منه ، وفيما ذكرنا بيان وجه هذا المعنى ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية