1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التقليس في الأعياد
صفحة جزء
[ ص: 127 ] 233 - باب بيان مشكل ما روي { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التقليس في الأعياد }

1484 - حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث الأزدي الباغندي ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا شريك ، عن جابر ، عن عامر ، عن { قيس بن سعد بن عبادة ، قال : شهدت عيدا بالأنبار ، فقلت لهم : ما لي لا أراكم تقلسون كما كانوا يقلسون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ؟ }

[ ص: 128 ]

1485 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي ، قال : حدثنا آدم بن أبي إياس ، قال : حدثنا شيبان وإسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عن { قيس بن سعد ، قال : ما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء إلا قد رأيته يعمل بعده إلا شيئا واحدا ، فإنه كان يقلس يوم الفطر ، يعني يلعب } .

قال أبو جعفر : فكان ما روينا من هذا الحديث إنما يرجع إلى جابر بن يزيد الجعفي مطلقا لا يذكر سماع له إياه ، عن عامر الشعبي ، وما لم يكن من حديث جابر مذكورا فيه سماعه إياه ممن يحدث به عنه ، وما يدل على ذلك فليس بالقوي عند من يميل إليه ، فكيف عند من ينحرف عنه ، وذلك أني سمعت فهد بن سليمان يقول : سمعت أبا نعيم يقول : قال سفيان : كل ما قال لك فيه جابر : سمعت أو حدثني أو أخبرني فاشدد به يديك ، وما كان سوى ذلك ففيه ما فيه .

1486 - وقد حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا يوسف بن عدي الكوفي ، عن شريك ، عن مغيرة ، عن عامر ، عن { عياض الأشعري ، قال : شهدت عيدا بالأنبار ، فقلت : ما لي [ ص: 129 ] لا أراكم تقلسون كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله } .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث رد الشعبي إياه إلى عياض الأشعري ، وعياض هذا رجل من التابعين ، فعاد الحديث به إلى أن [ ص: 130 ] صار منقطعا ، وكان أولى مما رويناه قبله في هذا الباب ؛ لأن مغيرة عن الشعبي أثبت من جابر عن الشعبي ، وإن كان الشعبي قد حدث عن قيس بن سعد بغير هذا الحديث .

1487 - كما حدثنا الباغندي ، قال : حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، قال : حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، قال : حدثنا شريك ، عن حصين ، عن عامر ، { عن قيس بن سعد بن عبادة ، قال : أتيت الحيرة ، قال : فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم ، وسقط كلام ، وهو : فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم قلت : يا رسول الله ، إني أتيت الحيرة ، فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم ، فقلت : رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن نسجد له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو أمرت شيئا أن يسجد لشيء لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن } .

[ ص: 131 ] قال أبو جعفر : وقيس بن سعد متأخر الوفاة ، ليس بمستنكر لقي الشعبي إياه .

ذكر محمد بن سعد صاحب الواقدي في كتابه في الطبقات ، قال : وقيس بن سعد توفي بالمدينة في آخر خلافة معاوية .

وأما التقليس في الحديث الأول الذي ذكرناه في هذا الباب فلا اختلاف بين أهل اللغة وبين من سواهم ممن يؤخذ مثل هذا عنه أنه اللعب واللهو اللذان ليسا بمكروهين ، كمثل ما أطلق في الأعراس منهما ، وإن كان ما يفعل في الأعياد وفي الأعراس منهما مختلفين ، وذلك والله أعلم إنما هو ليعلم أهل الكتابين أن في دين الإسلام سماحة .

فإن قال قائل : كيف تقبلون هذا وقد رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يخالفه ؟ فذكر .

1488 - ما قد حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، عن حميد ، عن أنس بن مالك ، قال : { قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية ، فقال : إن الله قد أبدلكم بهما خيرا [ ص: 132 ] منهما : يوم الفطر ، ويوم الأضحى } .

1489 - وكما حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم... فذكر مثله .

قيل له : ما في هذا ما يخالف ما ذكرناه قبله ؛ لأن الذي أخبرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، إنما هو إبدال الله عز وجل إياهم باليومين اللذين كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية : يوم الفطر ويوم النحر .

وقد يحتمل أن يكون - يعني - أراد بذلك منهم أن يجعلوا فيهما من اللعب ما كانوا يفعلونه في ذينك اليومين من اللعب في الجاهلية ، وذلك عندنا والله أعلم على اللعب المباح مثله لا على اللعب المحظور مثله كما قد أبيح لهم في أعراسهم اللعب الذي أبيح لهم فيها .

1490 - كما قد حدثنا أبو أمية وإبراهيم بن أبي داود ، جميعا قالا : حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، قال : حدثنا سليمان بن بلال ، قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائما ، ثم يجلس [ ص: 133 ] ثم يقوم فيخطب قائما خطبتين ، فكان الجواري إذا نكحوا يمرون بالكبر والمزامير ، فيشتد الناس ويدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ، فعاتبهم الله عز وجل ، فقال : وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما . الآية .

قال أبو جعفر : أفلا ترى أن الله تعالى لم ينههم عن اللهو الذي قد أباح مثله فيما كان ذلك اللهو منهم فيه ، وكذلك اللعب الذي قد أباحه في الأعياد غير داخل في مثله من اللهو الذي قد نهاهم عنه في غير الأعياد ، فبان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في شيء مما ذكرناه من الآثار في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية