1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوعيد على الشفاعة في الحدود التي لله عز وجل
صفحة جزء
[ ص: 383 ] 278 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوعيد على الشفاعة في الحدود التي لله عز وجل .

1681 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، أن عروة بن الزبير أخبره ، عن عائشة رضي الله عنها ، { أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقطع فكلمه فيها أسامة بن زيد فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أتشفع في حد من حدود الله تعالى ؟ فقال : أسامة : استغفر لي يا رسول الله .

فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم ، قال : أما بعد ، فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت يدها ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها
} .

[ ص: 384 ]

1682 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا شعيب بن الليث بن سعد ، عن أبيه ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أن قريشا أهمهم شأن المخزومية التي سرقت ، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة ، ثم ذكر معنى الحديث الذي ذكرناه قبله .

فقال قائل : فقد رويتم عن الزبير بن العوام رضي الله عنه ، أنه شفع لسارق ، وفي ذلك ما قد دل على خلاف ما في هذا الحديث الذي رويتموه ، والزبير رضي الله عنه فلم يأت ما أتى من ذلك إلا بعد وقوفه على إباحة ذلك له ، وذلك مما لا يجوز أن يكون فعله رأيا ، ولكنه فعله توقيفا والتوقيف في مثل هذا فلا يكون إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وذكر ما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن [ ص: 385 ] منهال ، قال : حدثنا حماد - يعني ابن سلمة - قال : أخبرنا هشام بن عروة ، عن أخيه عبد الله بن عروة ، عن الفرافصة ، أن الزبير رضي الله عنه مر بلص قد سرق ، فقال : دعوه اعفوا عنه ، فقالوا : تأمرنا بهذا يا أبا عبد الله وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : الزبير إن الحدود يعفى عنها ما لم ترفع إلى السلطان ، فإذا رفعت إلى السلطان فلا أعفاه الله إن عفا عنه .

[ ص: 386 ] وما قد حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن عبد الله بن عروة ، عن فرافصة الحنفي ، عن الزبير بن العوام أنهم مروا عليه بسارق ، فقال : أرسلوه ، فقالوا : أتأمرنا بذلك ؟ فقال : نعم ، ما لم يرفع إلى الإمام ، فإذا رفع إلى الإمام فلا أعفاه الله إن عفاه .

قال أبو جعفر : فبين الزبير بن العوام للناس بما قد رويناه عنه موضع الشفاعة التي فيها وعيد الله عز وجل الذي في الحديث الأول ، وأنها الشفاعة على ما قد أنهي إلى الإمام ، وأن الشفاعة قبل أن تنهى إلى الإمام بخلافها وأن لا وعيد فيها ، ومثل الذي قال : ذلك مما لا يحتمله الرأي ، ولا يكون إلا بالتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على ذلك ، والله نسأله التوفيق ، وسنذكر فيما بعد من كتابنا هذا ما قد روي { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لصفوان بن أمية في السارق الذي جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سرق خميصته ، فوهبها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا قبل أن تأتيني به ؟ } إن شاء الله عز وجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية