1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر الفخذ هل هو من العورة أم لا
صفحة جزء
[ ص: 399 ] 281 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر الفخذ هل هو من العورة أم لا

1695 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا حجاج بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة ، عن عطاء بن يسار وسليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيته ، كاشفا عن فخذيه ، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال ، ثم استأذن عمر ، فأذن له وهو كذلك ، فتحدث ثم استأذن عثمان فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه ، قال : محمد : ولا أقول ذلك في يوم واحد فدخل فتحدث فلما خرج قالت له عائشة : يا رسول الله ، دخل عليك أبو بكر ، فلم تهش ولم تباله ، ثم دخل عمر فلم تهش له ، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك ؟ ، فقال : ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة } .

[ ص: 400 ] قال أبو جعفر : ففي هذا ما قد دل على أن الفخذ ليس من العورة ، وقد روي في هذا المعنى أيضا .

1696 - ما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثني عمرو بن مسلم صاحب المقصورة ، عن أنس بن مالك ، قال : { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا من حوائط الأنصار فإذا بئر في الحائط فجلس على رأسها ، ودلى رجليه ، وبعض فخذه مكشوف ، وأمرني أن أجلس على الباب ، فلم ألبث أن جاء أبو بكر فأعلمته ، فقال : ائذن له وبشره بالجنة ، فدخل فحمد الله عز وجل ، ثم صنع كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم جاء عمر فأعلمته ، فقال : ائذن له وبشره بالجنة ، فدخل فحمد الله عز وجل ، ثم صنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جاء علي فأعلمته ، فقال : ائذن له وبشره بالجنة ، فدخل فحمد الله عز وجل وصنع كما صنع أصحابه ، ثم جاء عثمان ، فقال : ائذن له وبشره بالجنة ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم غطى فخذه . قالوا : لم يا رسول الله ، غطيت فخذك حين جاء عثمان ، قال : إني لأستحيي ممن تستحيي منه الملائكة } .

[ ص: 401 ] قال أبو جعفر : فكان في مثل هذا الحديث أيضا مثل الذي في الحديث الذي قبله ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفخذ أنه من العورة .

1697 - كما حدثنا أحمد بن أبي عمران ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الفخذ عورة } .

[ ص: 402 ]

1698 - وكما حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، [ ص: 403 ] عن ابن عباس قال : { خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأى فخذ رجل ، فقال : فخذ الرجل من عورته } .

1699 - وكما حدثنا بحر بن نصر ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني حفص بن ميسرة ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبي كثير ، عن محمد بن جحش ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على معمر بفناء المسجد كاشفا عن طرف فخذه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خمر فخذك يا معمر ؛ إن الفخذين عورة } .

[ ص: 404 ]

1700 - وكما حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا أبو مصعب الزهري ، قال : حدثنا ابن أبي حازم ، عن العلاء ، عن أبي كثير مولى محمد بن جحش ، عن محمد بن جحش ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

1701 - وكما حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، قال : حدثنا الحسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن عبد الله بن مسلم بن جرهد ، [ ص: 405 ] عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { فخذ الرجل من عورته ، أو قال : من العورة } .

1702 - وكما حدثنا فهد ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا حسن ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن عبد الله بن جرهد الأسلمي ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله .

[ ص: 406 ]

1703 - وكما حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثني مالك بن أنس ، عن أبي النضر ، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد ، عن أبيه ، { عن جرهد وكان من أصحاب الصفة ، أنه قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي وفخذي منكشفة ، فقال : خمر عليك ، أما علمت أن الفخذ عورة } .

1704 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا مسدد بن مسرهد ، قال : حدثنا يحيى بن سعد ، عن مسعر ، قال : حدثنا أبو الزناد ، عن عمه زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد ، { عن جده جرهد ، قال : مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي بردة قد كشفت عن فخذي ، فقال : غط فخذك ، الفخذ عورة } .

[ ص: 407 ] قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار أن الفخذ عورة ، ولما اختلف في حكم الفخذ أنه عورة ، وفي أنه ليس بعورة فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذكرنا طلبنا الأولى من هذين المعنيين بالنظر الصحيح .

فوجدنا الفخذ من المرأة من عورتها ، لا يحل لذي رحمها المحرمة منها ولا لغيره من الناس سوى زوجها النظر إليه منها ، كما لا يحل لهم النظر منها إلى فرجها ولا إلى بطنها ، وكان ذلك بخلاف صدرها وبخلاف رأسها وبخلاف ساقها ؛ لأن ذلك ينظر إليه ذوو الرحم المحرمة منها ، وإنما الممنوعون من النظر إلى ذلك منها سوى زوجها الأجنبيون منها .

فعقلنا بذلك أن فخذها من عورتها ، كما فرجها وكما بطنها من عورتها ، لا كرأسها ولا كساقها ، ولا كصدرها اللاتي ليست [ ص: 408 ] من عورتها ، وإذا كان ذلك كذلك في المرأة كان في الرجل أيضا كذلك ، وكان فخذه من عورته لا كما سواه من بدنه مما ليس من عورته .

ثم نظرنا في ركبتيه هل حكمهما كحكم فخذه أو كحكم ساقه .

1705 - فوجدنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، وفهد بن سليمان جميعا قد حدثانا ، قالا : حدثنا سعيد بن كثير بن عفير ، قال : حدثني عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني علي بن الحسين بن علي ، أن الحسين بن علي أخبره ، أن { عليا رضي الله عنه ، قال : استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة رضي الله عنه ، فأذن له فإذا هو يشرب فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلومه فيما فعل بشارفي علي ، وإذا حمزة ثمل محمرة عيناه ، فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد النظر ثم نظر إلى ركبته ، ثم صعد النظر ، فنظر إلى سرته ثم صعد النظر ، فنظر إلى وجهه ثم ، قال : هل أنتم إلا عبيد لأبي ؟ فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل ، فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه القهقرى وخرج وخرجنا معه . }

[ ص: 409 ]

1706 - ووجدنا محمد بن علي بن زيد المكي قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، ثم ذكر بإسناده مثله .

1707 - ووجدنا عبيد بن رجال قد حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن صالح ، قال : حدثنا عنبسة بن خالد ، عن يونس بن يزيد ثم ذكر بإسناده مثله .

قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث ما قد دل ، أن حكم الركبة كحكم الساق لا كحكم الفخذ .

1708 - ووجدنا أبا أمية قد حدثنا ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا زكريا بن إسحاق ، قال : حدثنا إبراهيم بن ميسرة ، أنه سمع عمرو بن الشريد يحدث ، عن أبيه ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم تبع رجلا من ثقيف حتى هرول في إثره حتى أخذ بثوبه ، فقال : ارفع إزارك فكشف الرجل ، عن ركبتيه ، فقال : يا رسول الله ، إني أحنف وتصطك ركبتاي ، فقال : رسول الله : صلى الله عليه وسلم : كل [ ص: 410 ] خلق الله حسن ، فلم نر ذلك الرجل إلا وإزاره إلى نصف ساقيه حتى مات } .

قال أبو جعفر : فكان هذا الحديث كالحديث الذي قبله أيضا .

1709 - ووجدنا محمد بن سنان الشيزري قد حدثنا ، قال : حدثنا هشام بن عمار ، قال : حدثنا صدقة بن خالد ، قال : حدثنا زيد بن واقد ، عن بسر بن عبيد الله ، عن عائذ الله أبي إدريس الخولاني ، عن { أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا عن طرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه ، فقال : أما صاحبكم فقد غامر فسلم ، فقال : إنه كان بيني وبين ابن الخطاب ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي [ ص: 411 ] وتحرز مني بداره ، فقال : يغفر الله لك أبا بكر - مرتين - ثم إن عمر قدم فأقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : رسول الله : صلى الله عليه وسلم : أيها الناس إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي ؟ مرتين . قال أبو جعفر : فكان هذا الحديث كالذي قبله أيضا ووجدنا أبا موسى الأشعري قد روي عنه من كلامه كلام قد خلطه بوعيد لمن خالفه مما لا يجوز أن يكون قاله رأيا ؛ لأن الوعيد لا يكون فيما قد قيل بالرأي مما قد يجوز لغير قائله أن يقول بخلافه ما قد خالف هذا المعنى .

كما حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن حكيم الأثرم ، عن أبي تميمة الهجيمي ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري يقول : لا أعرفن أحدا نظر من جارية إلا إلى ما فوق سرتها وأسفل من ركبتيها ، [ ص: 412 ] لا أعرفن أحدا فعل ذلك إلا عاقبته . قال أبو جعفر : فجاز لما قد ذكرنا أن يضاد بهذا الحديث الأحاديث التي ذكرناها قبله المخالفة له ، ثم عدنا إلى طلب الحكم في ذلك بالنظر الصحيح . فوجدنا الفخذ والساق عضوين موصولين أحدهما مركب على الآخر ، وكانا إذا نشطا بدا منهما كالفلكة ، وهما كعظمان أحدهما في الفخذ والآخر في الساق وتلك الفلكة هي الركبة ، وكان ما كان منها في الفخذ له حكم الفخذ في أنه عورة ، وكان ما كان منها في الساق له حكم الساق ، وليس هو بعورة ، ولكنه غير مقدور على تفصيله من العظم الذي في الساق ، ولا على مقدار كل واحد منه ، ومن العظم الذي في الساق إنما يريان كالشيء الواحد ، فكان الأولى في ذلك أن نحكم له بحكم العورة لا بحكم ما سواه .

وأما السرة ففي حديث علي ما قد دل أنها ليس من العورة ، وكذلك في حديث أبي محذورة .

1710 - الذي حدثناه علي بن معبد وعلي بن شيبة ، قالا : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ، أن عبد الله بن محيريز أخبره ، [ ص: 413 ] عن أبي محذورة في حديث الأذان ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على ناصية أبي محذورة ، ثم أمرها على وجهه ، ثم بين ثدييه ثم على كبده ، ثم بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة أبي محذورة } .

1711 - وقد حدثنا بكار بن قتيبة أيضا ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، ثم ذكر بإسناده مثله ، فدل ذلك على أن السرة ليست من العورة ، وكان ذلك في السرة مما قد قامت الحجة فيه ، أنه أولى مما قاله أبو موسى فيه ، وقد خالف أبا موسى في ذلك أيضا ثلاثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم الحسن بن علي رضي الله عنه ، وعبد الله بن عمر وأبو هريرة .

[ ص: 414 ]

1712 - كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، عن ابن عون ، عن { عمير بن إسحاق ، قال : كنت مع الحسن بن علي ، فلقيه أبو هريرة ، فقال : ادن مني حتى أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله منك فرفع ثوبه فقبل سرته } .

وكما حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا ابن عون ، عن قدامة بن موسى ، عن أبيه ، قال : كان عبد الله بن عمر يأتينا في الجامع ، فأتانا وقد اتزرت أزرة الفتيان ، فعلق أصبعه في إزاري حتى طأطأه تحت السرة ، فكان هذا هو الأولى في ذلك عندنا ، مما روي عن أبي موسى مما يخالفه ؛ لأن السرة بالصدر أشبه منها بالعورة ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية