1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى من نهي ومن إباحة
صفحة جزء
[ ص: 35 ] 291 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

في النجوى من نهي ومن إباحة

1781 - حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي ، قال : حدثنا كثير بن زيد ، قال : حدثنا ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه عن جده ، قال : كنا نتناوب النبي صلى الله عليه وسلم تكون له الحاجة ، أو يرسلنا لبعض الأمر ، فكثر المحتسبون من أصحاب النوب ، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الدجال ، فقال : " ما هذا النجوى ؟ ألم أنهكم عن النجوى ؟ قال : قلنا يا رسول الله كنا نتذاكر المسيح الدجال فرقا منه ، قال : غير ذلك أخوف عليكم الشرك الخفي : أن يعمل الرجل لمكان الرجل .

[ ص: 36 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجوى بما أخبرهم به من تقدم نهيه إياهم عنه ، وليس ذلك عندنا - والله أعلم - على كل النجوى ، ولكنه على النجوى بما قد نهي عن النجوى به ، كما قال الله : يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون ، فكانت النجوى المنهي عنها في ذلك الحديث هي النجوى المنهي عنها في هذه الآية . والله أعلم .

ثم قد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى . :

1782 - ما قد حدثنا محمد بن عمرو بن يونس ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير الهمداني ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع .

عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد .

[ ص: 37 ]

1783 - وما قد حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي ، قال : حدثنا القواريري ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : حدثني نافع .

عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يتسار اثنان دون الثالث .

1784 - وما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن نافع .

عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد .

1785 - وما قد حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا القعنبي ، قال :

[ ص: 38 ] قرأت على مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

فكان فيما روينا النهي للثلاثة ، عن تناجي اثنان منهم دون الثالث ، فاحتمل أن يكون ذلك نهيا عنه لما فيه من سوء الأدب من المتناجيين دون صاحبهما .

ثم وجدنا عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك .

1786 - ما قد حدثنا محمد بن علي بن داود قال : حدثنا القواريري .

وما قد حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا المقدمي قالا : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن الأعمش ، عن أبي صالح .

عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما ، قلت : يا رسول الله فإن كنا أربعة ؟ قال : لا يضره أو لا يضير .

[ ص: 39 ] فكان في ذلك ما قد دل أن الأربعة في ذلك بخلاف الثلاثة ؛ لأن الاثنين إذا تناجيا دون الواحد نقصاه من حظه منهما ، وإذا كانوا أربعة فتناجى اثنان منهم كان الاثنان الباقيان قادرين على أن يتناجيا ، فيكونان في ذلك كصاحبيهما في تناجيهما .

1787 - وما قد حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره عن عبد الله بن دينار ، قال :

كنت أنا وعبد الله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق ، فجاء رجل يريد أن يناجيه ، وليس مع ابن عمر أحد غيري وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه ، فدعا عبد الله بن عمر رجلا آخر حتى كنا أربعة فقال لي وللرجل الذي دعا : استرخيا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يتناجى اثنان دون واحد .

[ ص: 40 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث من فعل ابن عمر ما يوافق ما قد ذكرناه من حديث أبي صالح عنه ، فهذا ما وجدناه في هذا الباب ، عن عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد روي عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى مثل ما رواه ابن عمر عنه ، وزيادة عليه بالسبب الذي له كان النهي .

1788 - كما قد حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل .

عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما ؛ فإن ذلك يحزنه .

1789 - وكما حدثنا يزيد ، قال : حدثنا أبو الربيع الزهراني ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا عاصم ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

[ ص: 41 ]

1790 - وكما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : حدثني جرير ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي وائل أو زر بن حبيش ، عن ابن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

1791 - وكما قد حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد .

قال أبو جعفر : فأخبر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعنى الذي له نهى عن تناجي اثنين دون الواحد ، وهو غير مخالف لما قد ذكرناه قبله.

وقد روي هذا الحديث عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بزيادة على [ ص: 42 ] هذا المعنى .

1792 - كما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال :

قال عبد الله بن مسعود نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان ثلاثة في سفر أن يتناجى اثنان دون الواحد حتى يختلطا بالناس ؛ من أجل أنه يحزنه .

قال أبو جعفر : فأخبر أن ذلك إنما أراد به المناجاة في السفر الذي يخاف فيه الثالث على نفسه في تلك المناجاة ؛ إذ لا مغيث له ، إن كان عن تلك المناجاة سبب يحتاج إلى الغوث فيه ، وفي ذلك ما قد دل على ارتفاع النهي إذا عدم ذلك ، وإن كان الأحسن فيه ترك ذلك الفعل حتى يكون حديث ابن مسعود وحديث ابن عمر مستعملين جميعا فيما قد جاءا فيه [ ص: 43 ] فإن قال قائل : لم يرو هذا الحديث بذكر السفر إلا في حديث صالح الذي قد ذكرت .

قيل له : وما تنكر منه مع صحة مخرجه ، وقد روي من طريق آخر من كلام ابن مسعود من ما نعلم أنه لم يقله من رأيه ، إذ كان مثله لا يقال بالرأي ، ولكنه قاله لأخذه إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

كما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص .

عن عبد الله قال : إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا عليكم أحدكم ، ولا يتناجى اثنان دون صاحبهما .

وقد روي هذا عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ غير هذا اللفظ .

1793 - كما حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا شيبان ، عن منصور ، عن شقيق .

عن عبد الله ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا إذا كنا ثلاثة أن يتناجى [ ص: 44 ] اثنان دون صاحبهما حتى يختلطوا بالناس من أجل أن يحزنه .

1794 - وكما حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا عبيدة بن حميد ، عن منصور عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

ففي ذلك ما قد دل على أن النهي عن هذا المعنى المذكور في هذا الباب إنما هو في المكان الذي لا مغيث فيه ، وفي ذلك ما قد وافق ما في حديث صالح بن عبد الرحمن الذي رويناه مما فيه ذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهيه عما نهى عنه فيه إذا كانوا في سفر ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية