1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله أمرت بقرية تأكل القرى
صفحة جزء
[ ص: 81 ] 295 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : أمرت بقرية تأكل القرى

1825 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا عبد الله بن وهب أن مالك بن أنس حدثه ، عن يحيى بن سعيد ، قال : سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول :

سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بقرية تأكل القرى يقولون : يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد " .

1826 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال حدثنا عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ومالك بن أنس ، أن يحيى بن سعيد الأنصاري حدثهما أن أبا الحباب سعيد بن يسار حدثه .

أنه سمع أبا هريرة يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أمرت بقرية تأكل القرى يقال لها : يثرب وهي المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير الخبث . إلا أن مالكا قال : قال أبو هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 82 ] قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث فوجدنا قوله صلى الله عليه وسلم : أمرت بقرية ، على معنى أمرت بالهجرة إلى قرية .

ووجدنا قوله صلى الله عليه وسلم : تأكل القرى ، بمعنى قوله : يأكل أهلها القرى ، كما قال عز وجل : وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ، بمعنى : وضرب الله مثلا قرية كان أهلها آمنين مطمئنين ، وكان ذكر القرية في هذا كناية عن أهلها ، وأهلها المرادون بما ذكر فيها لا هي ، والدليل على ذلك قوله عز وجل بما كانوا يصنعون والقرية لا صنع لها ، وقوله : فكفرت بأنعم الله والقرية لا كفر لها ، وقوله عز وجل: فأذاقها الله لباس الجوع والخوف والقرية لا تذاق من ذلك شيئا . وقوله جل وعز : ولقد جاءهم رسول منهم فدل ذلك أن ما قبل هذا من قوله مراد به أهل القرية لا القرية كقوله عز وجل : واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها بمعنى : واسأل أهل القرية التي كنا فيها واسأل أهل العير التي أقبلنا فيها .

ووجدنا قوله صلى الله عليه وسلم : تأكل القرى ، بمعنى قوله تفتح القرى أي يفتح أهلها القرى .

ووجدنا قوله صلى الله عليه وسلم : تأكل بمعنى تقدر كقول الله : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ليس يعني بذلك آكليها دون محتجبيها عن اليتامى لا بأكل لها وكقوله عز وجل : ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا بمعنى قوله : تغلبوا عليها إسرافا على أنفسكم وبدارا أن يكبروا ، فيقيمون عليكم الحجة فيها ، [ ص: 83 ] فينتزعونها منكم لأنفسهم ، فكان الأكل فيما ذكرنا يراد به الغلبة على الشيء ؛ لأن كل آكل لشيء غالب عليه ، فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : تأكل القرى ، يعني أهلها هو بمعنى : تقدر على أهل القرى بافتتاح أهلها تلك القرى وغلبتهم عليها وعلى أهلها ، وقد كان ذلك منهم رضوان الله عليهم حتى أظهر الله نبيه صلى الله عليه وسلم على الدين كله ، وقد كان مالك بن أنس يفسر : تأكل القرى بمثل ما فسرناه به .

كما .

حدثنا يونس ، قال : قال لنا ابن وهب : سمعت مالكا يقول في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم : تأكل القرى قال : تفتح القرى .

فهذا موافق لما قد ذكرناه في ذلك من التأويل الذي تأولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عليه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية