1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن إدخال فرس بين فرسين في السبق
صفحة جزء
[ ص: 155 ] 307 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن إدخال فرس بين فرسين في السبق إذا كان مما يؤمن أن يسبق

1897 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، عن عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يؤمن أن يسبق فلا بأس ، ومن أدخل فرسا بين فرسين وهو يؤمن أن يسبق فذلكم القمار .

[ ص: 156 ]

1898 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا عباد بن العوام ومروان بن معاوية الفزاري ويزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين … ثم ذكر بإسناده مثله .

قال أبو جعفر : فكان المراد في هذا الحديث والله أعلم أن الرجلين يتسابقان بالفرسين ، ويدخلان بينهما دخيلا ويجعلان بينهما جعلا ، وذلك الدخيل تسميه العرب محللا فيضع الأولان رهنين ولا [ ص: 157 ] يضع المحلل شيئا ثم يرسلون الأفراس الثلاثة ، فإن سبق أحد الأولين أخذ رهن صاحبه ، فكان طيبا له مع رهنه ، وإن سبق المحلل ولم يسبق واحد من الأولين أخذ الرهنين جميعا ، فكانا له طيبين ، وإن سبق هو لم يكن عليه شيء للأولين .

وتأملنا معنى قوله صلى الله عليه وسلم : إن كان لا يؤمن أن يسبق فلا بأس به ، وإن كان يؤمن أن يسبق فلا خير فيه . فوجدنا أهل العلم لا يختلفون أنه يراد بذلك البطيء من الخيل الذي يؤمن منه أن يسبق .

وقد حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو عبيد ، قال : سمعت محمد بن الحسن وغير واحد يفسرون هذا التفسير ، وكذلك تأولنا محمد بن أحمد بن العباس ، عن موسى بن نصر ، عن هشام بن عبيد الله ، عن محمد بن الحسن في رواياته التي تأولنا إياها عنه .

وخبرنا أنه سمعها من موسى ، وأن موسى حدثهم أنها عن هشام ، عن محمد بهذه المعاني ، وأنه لم يحك لهم فيها خلافا بينه وبين أحد من أصحابه .

قال أبو جعفر : وجعل الدخيل في هذا في حكم المسابقين أنفسهما بلا دخيل بينهما برهن يجعلانه بينهما أن يسبق الذي هو من عنده سلم له ، ولم يكن له على المسبوق شيء ، وإن سبق الذي ليس [ ص: 158 ] هو له أخذ ذلك الرهن فكان طيبا حلالا ، وإن كان الرهان وقع بينهما على أنه إن سبق غرم شيئا لصاحبه سميا ذلك الشيء كان ذلك قمارا ، ولم يحل ، فسلك بالمحلل الدخيل بينهما هذا المعنى إن سبق أحد الراهنين جميعا ، فكانا طيبين له ، وإن سبق لم يكن عليه شيء لصاحبيه ، ولا لواحد منهما .

قال أبو جعفر : وقد روي في الرهان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد لا نعلمه روي عنه صلى الله عليه وسلم في الرهان غيره .

1899 - وهو ما قد حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا سعيد بن زيد ، قال : حدثني الزبير بن الخريت ، قال :

حدثنا أبو لبيد ، قال : أرسلت الخيل زمن الحجاج بن يوسف والحكم بن أيوب أمير على البصرة ، فلما انصرفنا من الرهان . قلنا : لو ملنا إلى أنس بن مالك فسألناه هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراهن على الخيل ؟ قال : فسئل أنس عن ذلك ، فقال : نعم والله لقد راهن على فرس له يقال له : سبحة فسبقت الناس فأبهش لذلك وأعجبه .

[ ص: 159 ] قال أبو جعفر : وهذا من حديث البصريين أيضا ، وإن كان سعيد بن زيد ليس بالقوي في روايته عند أهل الإسناد ، فأما السبق بغير ذكر رهان كان فيه فقد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم آثار صحاح :

1900 - فمنها ما قد حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره .

وما قد حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، عن مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق ، وأن عبد الله بن عمر فيمن سابق بها .

[ ص: 160 ]

1901 - ومنها ما قد حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل فأرسل ما أضمر منها من الحفياء إلى ثنية الوداع ، وما لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق .

1902 - ومنها ما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : كانت ناقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق على الله أن لا يرفع شيئا في الدنيا إلا وضعه .

[ ص: 161 ]

1903 - ومنها ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس ، قال : كانت ناقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء وكانت لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فشق ذلك على المسلمين ، فلما رأى ما في وجوههم قالوا يا رسول الله سبقت العضباء ، قال : إن حقا على الله عز وجل أن لا يرفع من الدنيا شيئا إلا وضعه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية