1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستثناء في الأيمان إن شاء الله
صفحة جزء
[ ص: 178 ] 310 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستثناء في الأيمان إن شاء الله

1920 - حدثنا المزني ، قال : قرأنا على الشافعي ، عن سفيان ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من حلف بيمين فقال : إن شاء الله فقد استثنى .

1921 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني سفيان بن عيينة ، عن أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

هكذا أملاه علينا ، ثم سمعته بعد ذلك مذاكرة يذكره عن سفيان نفسه ، فقلت له : إنما كنت أمليته علينا عن ابن وهب عن سفيان ، [ ص: 179 ] فقال : وقد سمعته من سفيان ، فقلت له : فإنه ليس في كتابك عن سفيان ، فقال : قد علمت ذلك ، وقد كان عندي كتاب آخر عن سفيان هذا الحديث فيه ، فاحترق .

فعقلنا بذلك أن أيوب راوي هذا الحديث هو أيوب بن موسى .

1922 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا حلف ثم قال : إن شاء الله ، فهو بالخيار .

1923 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو الوليد ثم ذكر بإسناده مثله غير أنه قال : فقال : إن شاء الله فقد استثنى .

[ ص: 180 ] قال أبو جعفر : وأيوب هذا هو أيوب السختياني والله أعلم .

1924 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن كثير بن فرقد أنه حدثه أن نافعا حدثهم ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من حلف على يمين فقال إن شاء الله فله ثنيا .

فقال قائل : فقد رويت هذا الحديث على ما رويته وأنت تقول : إن الاستثناء المذكور فيه هو الموصول باليمين لا المقطوع منها ، فما دليلك على ما قلت من ذلك ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن هذا الحديث إنما دار على عبد الله بن عمر ، وقد روينا عنه من قوله .

[ ص: 181 ] ما قد حدثنا أبو بشر الرقي ، قال : حدثنا شجاع بن الوليد ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : من حلف بيمين فقال في إثرها : إن شاء الله ، فإنه إن لم يفعل ما حلف عليه ، لم يحنث .

وما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا إسماعيل بن موسى المعروف بابن بنت السدي ، قال : حدثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن سالم ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : لا حنث في يمين موصول في آخرها إن شاء الله .

فاستحال عندنا أن يكون عبد الله بن عمر مع فضله وورعه وعلمه يرد ما عمه النبي صلى الله عليه وسلم إلى خاص ، إلا بما يجب له به رده .

فقال هذا القائل : فقد روي عن عبد الله بن عباس ما يخالف ما رويته عن ابن عمر فيه .

[ ص: 182 ] وذكر ما قد حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا سفيان بن حسين ، عن يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في حديث أصحاب الكهف : واذكر ربك إذا نسيت ، قال ابن عباس : إذا قلت شيئا فلم تقل إن شاء الله فقل إذا ذكرت : إن شاء الله .

فكان جوابي له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الذي ذكره عن ابن عباس لا يخالف ما ذكرناه عن ابن عمر ؛ لأن الذي ذكرناه عن ابن عمر في الأيمان ، والذي ذكره عن ابن عباس في الأشياء التي يقول الرجل : إنه يفعلها في المستأنف مما يجب أن يرد فعله لها إلى مشيئة الله عز وجل ؛ لأنه قد يجوز أن يموت قبل ذلك ، أو يقطعه عنه قاطع ، فإن لم يفعل ذلك متعمدا كان غير محمود في تركه إياه ، وإن لم يفعله ناسيا له قاله إذا ذكره فلحق بكلامه الأول .

[ ص: 183 ] وقد قامت الحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يوجب في الأيمان ما قاله ابن عمر فيها ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها ، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه أو ليكفر عن يمينه ، ويأتي الذي هو خير ، على ما قد روي في ذلك مما سنذكره بعد في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله .

فعقلنا بذلك أن إلحاقه الأشياء بإن شاء الله في يمينه المتقدمة ؛ لأنه لو كان مستطيعا لذلك لما احتاج إلى الحنث والكفارة أو إلى الكفارة والحنث ، ولكان يقول : إن شاء الله ، فيعود إلى حكمه لو كان قالها موصولة بيمينه ، وفي ذلك دليل بين فيما قاله ابن عمر فيه ، فأما المراد في حديث ابن عباس فمنه ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم .

1925 - كما قد حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا شعيب بن الليث ، قال : حدثنا الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز أنه قال :

سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم : لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين امرأة ، كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ، فقال له صاحبه : قل إن شاء الله ، فلم يقل إن شاء الله ، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة شق رجل ، والذي نفس محمد بيده لو قال : إن شاء الله ، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون .

[ ص: 184 ]

1926 - حدثنا أبو أمية قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، قال : كان لسليمان بن داود ستون امرأة ، فقال : أطوف عليهن الليلة ، فتحمل كل امرأة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله عز وجل ، فطاف عليهن فلم تحمل منهن إلا واحدة ، فولدت نصف إنسان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما لو كان استثنى لحملت كل امرأة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله .

قال أبو جعفر : وترك سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم في ذلك أن يقول : إن شاء الله ، بعد تلقين الذي لقنه إياها قد يكون على قاطع قطعه عن ذلك ، أو على تقصير سمعه لذلك ممن لقنه إياه .

[ ص: 185 ] وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستثناء في الأيمان أبو هريرة كما رواه عنه ابن عمر .

1927 - حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا نوح بن حبيب ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين فقال : إن شاء الله فقد استثنى .

ووجه ذلك عندنا - والله أعلم - كالوجه الذي ذكرتموه في حديث ابن عمر ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية