1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجلين اللذين كانا هاجرا إليه فاستشهد أحدهما وعاش الآخر
صفحة جزء
[ ص: 76 ] 369 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجلين اللذين كانا هاجرا إليه فاستشهد أحدهما ، وعاش الآخر بعده سنة ، ثم توفي ، ففضل صاحبه المستشهد قبله

2307 - حدثنا محمد بن عمرو بن تمام قال : حدثنا سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه .

وحدثنا حسين بن نصر ، قال : سمعت يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن رجلين من بلي وهو حي من قضاعة قتل أحدهما في سبيل الله عز وجل ، وأخر الآخر بعده سنة ، ثم مات ، قال طلحة : فرأيت في المنام الجنة فتحت فرأيت الآخر من الرجلين دخل الجنة قبل الأول ، فتعجبت ، فلما أصبحت ذكرت ذلك فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أليس قد صام رمضان بعده وصلى بعده سنة ألف ركعة ، وكذا وكذا [ ص: 77 ] ركعة لصلاة سنته .

2308 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا سعيد بن عامر قال : حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة قال : أسلم رجلان من بلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله .

2309 - حدثنا الربيع بن سليمان قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : أنبأنا ابن لهيعة ويحيى بن أيوب وحيوة بن شريح ، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن طلحة بن عبيد الله أن رجلين من بلي قدما على رسول الله [ ص: 78 ] صلى الله عليه وسلم فكان إسلامهما جميعا ، وكان أحدهما أشد اجتهادا من الآخر ، فغزا المجتهد منهما فاستشهد ومكث الآخر بعده سنة ثم توفي ، فقال طلحة : بينا أنا عند باب الجنة إذ أنا بهما فخرج خارج من الجنة فأذن للذي توفي الآخر منهما ، ثم خرج فأذن للذي استشهد ، ثم رجع إلي فقال : ارجع فإنه لم يؤذن لك ، فأصبح طلحة يحدث به الناس فعجبوا لذلك ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثوه الحديث فقال : من أي ذلك تعجبون ؟ فقالوا : يا رسول الله هذا كان أشد الرجلين اجتهادا ، ثم استشهد في سبيل الله عز وجل ودخل هذا الآخر الجنة قبله ؟ قال : أليس قد مكث بعده سنة ؟ قالوا : بلى ، قال : وأدرك شهر رمضان فصامه ؟ قالوا : بلى ، قال : وصلى كذا وكذا سجدة في السنة ؟ قالوا : بلى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض .

[ ص: 79 ] [ ص: 80 ]

2310 - حدثنا يزيد بن سنان ومحمد بن خزيمة وفهد بن سليمان قالوا : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني ابن الهاد ، ثم ذكرا بإسناده مثله .

2311 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن ربيعة ، عن عبيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين رجلين فقتل أحدهما في سبيل الله ، ثم مات الآخر فصلوا عليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما قلتم ؟ قالوا : دعونا الله عز وجل أن يغفر له ويرحمه ، ويلحقه بصاحبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأين صلاته بعد صلاته ؟ وعمله بعد عمله ؟ [ ص: 81 ] وصيامه بعد صيامه ؟ لما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض .

2312 - حدثنا أحمد بن شعيب قال : حدثنا سويد بن نصر قال : حدثنا عبد الله يعني : ابن المبارك قال : أخبرنا شعبة بن الحجاج ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عمرو بن ميمون يحدث عن عبد الله بن ربيعة السلمي وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، عن عبيد بن خالد السلمي ، ثم ذكر مثله .

قال أبو جعفر : وعبد الله بن ربيعة هذا المذكور في هذا الإسناد هو جد منصور بن المعتمر ، وفي هذا الحديث أن له صحبة ، وقد خولف ابن المبارك في ذلك كما ذكره البخاري ، وذكر أنه لم يتابع عليه .

2313 - حدثنا فهد قال : حدثنا علي بن معبد قال : حدثنا عبيد [ ص: 82 ] الله بن عمرو ، عن زيد ، عن عمرو بن مرة ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، عن عبد الله بن ربيعة السلمي ، عن عبيد بن خالد البهزي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين من أصحابه ، فقتل أحدهما وعاش الآخر بعده ما شاء الله عز وجل ، ثم مات ، فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون له ، وكان منتهى دعائهم له أن يلحق بأخيه الذي قتل قبله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيهما تقولون أفضل ؟ قالوا : الذي قتل قبل يا رسول الله في سبيل الله عز وجل ، قال : أما تجعلون لصلاة هذا ولصيامه بعده ولصدقته ولعمله فضلا ؟ لما بينهما أبعد من ما بين السماء والأرض ، فضل الذي مات بعد الذي مات قبل .

قال أبو جعفر : فسأل سائل عن المعنى الذي به استحق الميت من هذين الرجلين المتقدم على صاحبه المستشهد قبله ، ولصاحبه ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن هو فوقه في المنزلة .

2314 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : حدثني عبد الرحمن بن شريح ، عن عبد الكريم بن الحارث ، عن أبي عبيدة بن عقبة ، عن شرحبيل بن السمط ، عن سلمان الخير ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من رابط يوما في سبيل الله كان له أجر صيام شهر وقيامه ، ومن مات مرابطا جرى [ ص: 83 ] له مثل ذلك من الأجر ، وأجري عليه الرزق وأمن الفتان .

[ ص: 84 ]

2315 - وما قد حدثنا يونس قال : أنبأنا ابن وهب قال : أخبرني الليث ، عن أيوب بن موسى القرشي ، عن مكحول ، عن شرحبيل ، عن سلمان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

[ ص: 85 ]

[ ص: 86 ]

2316 - وما قد حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : وأخبرني أبو هانئ الخولاني ، عن عمرو بن مالك ، عن فضالة بن عبيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة يؤمن من فتاني القبر .

قال : ففي هذه الآثار ما فيها من فضل من مات مرابطا ، ومن نما عمله له إلى يوم القيامة ، ومن قتل مرابطا كان فوق من مات مرابطا في المنزلة ، وليس ذلك لمن مات غير مرابط ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنه ينقطع عمله بموته في حديث أبي هريرة ، يعني : الذي ذكرنا فيما تقدم منا في كتابنا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن من مات انقطع [ ص: 87 ] عمله بموته إلا من ثلاثة : من علم بثه ، ومن صدقة جارية ، ومن ولد صالح يدعو له .

فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - أن ما احتج به علينا غير مخالف لما احتج به علينا فيه مما قد رويناه في هذا الباب ، وذلك أن ما يعطاه الميت في رباطه ينقطع ذلك عنه كما ينقطع عمل غيره من الموتى عنه ، وإن كان عمله ينمو له إلى يوم القيامة فإنه ذلك العمل بعينه لا عمل سواه يلحق به ، وكان الرجلان المهاجران المذكوران في الآثار التي رويناها هاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معا فتساويا في ذلك ، وأقاما عنده باذلين لأنفسهما فيما يصرفهما فيه من جهاد ومن غيره من الأشياء التي يتقرب بها إلى الله - عز وجل - ويصرف المقبول منهما في الجهاد حتى قتل فيه ، ولم يكن يصرفه ذلك والله أعلم إلا بتصريف رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه فيه ، وعسى أن يكون صاحبه قد كان معه في ذلك فساواه فيه ، وزاد الآخر عليه الشهادة التي قد بذل نفسه لمثلها فكان ذلك في معنى الشهيد ، وإن كان الشهيد بفضله فيما حل به من القتل فإنه قد بذل نفسه لذلك ، ثم عاش بعده حولا في هجرته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك من الفضل إنفاق ماله ، فتفرد بذلك على صاحبه ، وكان في ذلك مصليا صلوات مدته تلك ، وصائم شهر رمضان الذي مر عليه فيها ، ولذلك من الفضل ما له ، فلم يكن في ذلك مما يجب أن ينكر تجاوزه لصاحبه في المنزلة وفي الثواب عليها وفي استحقاق سبقه إياه إلى الجنة ، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في من هو دون مثله .

2317 - ما قد حدثنا يونس قال : أنبأنا ابن وهب قال : أخبرني [ ص: 88 ] عبد الرحمن بن شريح ، عن سهل بن أبي أمامة بن سهل ، عن أبيه ، عن سهل بن حنيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سأل الله عز وجل الشهادة صادقا من قلبه بلغه الله عز وجل منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه .

قال أبو جعفر : وأحوال الرجل التي ذكرنا في هجرته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلبثه معه للتصرف فيما يصرفه فيه وإعماله الأعمال الصالحة ، وبذله نفسه لأسباب الشهادة فوق ذلك ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية