1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يعوذ به حسنا وحسينا رضي الله عنهما
صفحة جزء
[ ص: 325 ] 455 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان يعوذ به حسنا وحسينا رضي الله عنهما من قوله : من كل شيطان ، وهامة ، ومن كل عين لامة .

2885 - حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين : أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة ، هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق صلوات الله عليهما .

[ ص: 326 ] فقال قائل : فكيف يجوز أن تقبلوا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنتم تروون عنه .

2886 - فذكر ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا حبان بن هلال ، قال : حدثنا أبان بن يزيد ، قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن الحضرمي ، عن سعيد بن المسيب ، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا هامة .

[ ص: 327 ]

2887 - وما قد حدثنا أحمد بن أبي داود ، قال : حدثنا المقدمي ، قال : حدثنا أبو عوانة .

2888 - وما قد حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، ثم اجتمعا ، فقالا : عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

2889 - وما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب ، قال : حدثني ابن عجلان ، قال : حدثني القعقاع بن حكيم ، وزيد بن أسلم ، وعبيد الله بن مقسم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

[ ص: 328 ]

2890 - وما قد حدثنا بحر ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : حدثني عمرو بن الحارث أن جعفر بن ربيعة حدثه أن عبد الرحمن الأعرج حدثه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا هام ، لا هام .

2891 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، قال : قال ابن شهاب : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا عدوى ، ولا صفر ، ولا هامة .

[ ص: 329 ] قال : ففي هذه الأحاديث نفيه الهامة ، وفي ذلك نفي وجودها ، فكيف يجوز أن يعوذهما من معدوم ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الهامة التي عوذهما صلى الله عليه وسلم منها هي هوام الأرض التي يخاف غوائلها ، والهامة التي نفاها هي خلافها ، وهي ما كانت العرب تقوله في موتاها ، إنها كانت تقول : إن عظام الموتى تصير هامة فتطير ، حتى ذكر ذلك في أشعارها فمن ذلك ما رثى به لبيد أخاه أربد بقوله :

فليس الناس بعدك في نقير ولا هم غير أصداء وهام

ومن ذلك شعر أبي دواد الإيادي .

[ ص: 330 ]

سلط الموت والمنون عليهم     فلهم في صدى المقابر هام

فنفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك على ما في حديث أبي هريرة الذي رويناه .

وأما الهامة التي عوذ منها حسنا وحسينا فهي موجودة ، وهي هوام الأرض المخوفة ، وهي مشددة الميم ، والهامة التي نفاها مخففة الميم ، فليست منها في شيء ، ومما ذكرته العرب في أشعارها في الهام أيضا قول الذي قال :


يحدثنا الرسول بأن سنحيا     وكيف حياة أصداء وهام

حدثنا يونس ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه تزوج امرأة من بني كلاب ، يقال لها : أم بكر ، فلما هاجر أبو بكر طلقها ، فتزوجها ابن عمها هذا الشاعر الذي قال هذه القصيدة رثى بها كفار أهل بدر :


وماذا بالقليب قليب بدر     من الشيزى يزين بالسنام
وماذا بالقليب قليب بدر     من القينات والشرب الكرام
[ ص: 331 ] تحيي بالسلامة أم بكر     وهل لي بعد قومي من سلام
يحدثنا الرسول بأن سنحيا     وكيف حياة أصداء وهام

فبان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في شيء مما ظن هذا الجاهل أنه قد تضاد من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانصرف كل واحد من الهامة ومن الهام الذي صرفنا وجه كل واحد منهما إلى ما صرفناه إليه في هذا الباب ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية