1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكذابين الثلاثين الذين يخرجون بعده هل هم دجالون أم لا
صفحة جزء
[ ص: 396 ] 463 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكذابين الثلاثين الذين يخرجون بعده ، هل هم دجالون أم لا ؟

2952 - حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثني عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب قال : حدثني طلحة بن عبد الله بن عوف ، عن عياض بن مسافع ، عن أبي بكرة أخي زياد لأمه قال : قال أبو بكرة : أكثر الناس في شأن مسيلمة الكذاب قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ثانيا على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فإن شأن هذا الرجل الذي قد أكثرتم في شأنه ، فإنه كذاب من ثلاثين كذابا يخرجون قبل الدجال ، وإنه ليس بلد إلا يدخله رعب المسيح الدجال إلا المدينة ، على كل نقب من أنقابها يومئذ ملكان يذبان عنها رعب المسيح .

[ ص: 397 ] قال أبو جعفر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال في مسيلمة : إنه كذاب من ثلاثين كذابا يخرجون قبل الدجال ، فاحتمل أن يكون هؤلاء الثلاثون الكذابون الذين منهم مسيلمة دجالين ، واحتمل أن يكونوا كذابين ، وليسوا دجالين ، فنظرنا في ذلك .

2953 - فوجدنا محمد بن علي بن داود قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن عرعرة ، قال : حدثنا معاذ بن هشام ، قال : قرأت في كتاب أبي بخط يده ، ولم أسمعه منه ، عن قتادة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم النخعي ، عن همام ، عن حذيفة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : في أمتي كذابون دجالون سبعة وعشرون فيهم أربع نسوة ، وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي .

2954 - ووجدنا أحمد بن عبد الرحمن قد حدثنا ، قال : حدثنا عمي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن شريح المعافري ، قال : سمعت شراحيل بن يزيد المعافري ، يقول : حدثني مسلم بن يسار ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في آخر الزمان [ ص: 398 ] دجالون كذابون يأتون من الأحاديث بما لم تسمعوا به أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم ، لا يفتنونكم ولا يضلونكم .

2955 - ووجدنا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن الأسود بن قيس ، عن ثعلبة بن عباد العبدي قال : خطبنا سمرة بن جندب ، فحدثنا في خطبته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لن تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كذابا ، كلهم يكذب على الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ، آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليمنى ، كأنها عين أبي تحيى .

[ ص: 399 ]

2956 - ووجدنا حسين بن نصر قد حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا زهير بن معاوية ، عن الأسود بن قيس ، ثم ذكر بإسناده مثله .

فكان في هذه الأحاديث ما فيها مما ذكرناه ، فاحتمل أن يكون هؤلاء الثلاثون المذكورون فيها هم الثلاثون المذكورون في حديث أبي بكرة ، فيكون قد اجتمع فيهم الأمران جميعا ، واحتمل أن يكون الذين في هذا الحديث على دجالين كذابين ، والذين في حديث أبي بكرة على كذابين ليسوا دجالين ، والله أعلم بحقيقة الأمر في ذلك .

فقال قائل : هم صنف واحد ، وسمي الكذابون دجالين ؛ لأنهم في كذبهم الذي يعرفون به كالدجال في كذبه الذي يعرف به .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الذي قاله من ذلك مستحيل عندنا - والله أعلم - ؛ لأن الكذابين المذكورين في الحديث الذي ذكروا فيه لو كانوا كما ذكر ، لما ذكر لهم عدد يحصرهم ؛ لأن من يكون من الكذابين في الناس في المستأنف ، ومن [ ص: 400 ] كان منهم قبلهم بعد أن قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول أكثر عددا من ثلاثين ، وإذا انتفى ذلك كان في الحقيقة خلاف الدجال الأعور ، وكان هذا الاسم - أعني الدجال - غير مشتق من شيء ؛ لأنه لو كان مشتقا مما قد ذكر بعض الناس أنه اشتق من الدجل ، وهو السرعة في السير ، لوجب أن يكون كل مسرع في سيره دجالا ، ولما بطل أن يكون ذلك كذلك ، وكان من غير الأسماء المشتقة من شيء كان صنفا له العدد الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان محتملا ما قد ذكرنا احتماله إياه فيما تقدم منا في هذا الكتاب ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية