1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قطع السدر من نهي ومن إباحة
صفحة جزء
[ ص: 424 ] 469 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قطع السدر من نهي ومن إباحة

2976 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا مليح بن وكيع بن الجراح ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا محمد بن شريك ، عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن أوس ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذين يقطعون - كأنه يعني السدر - يصبون في النار على رؤوسهم صبا .

2977 - حدثنا القاسم بن جعفر بن محمد البصري أبو محمد ، قال : حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا عبد الرزاق بن همام ، عن إبراهيم بن يزيد - يعني : الخوزي - عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن أوس ، قال : [ ص: 425 ] أدركت شيخا من ثقيف قد أفسد السدر زرعه ، فقلت : ألا تقطعه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إلا من زرع ، قال : أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قطع سدرا إلا من زرع صب الله عليه العذاب صبا ، فأنا أكره أن أقطعه من الزرع ، ومن غيره .

ففي هذا الحديث الأول من هذين الحديثين ما يمنع من قطع السدر كله ، وفي الحديث الثاني منهما استثناء ما كان من ذلك في زرع .

فتأملنا هذين الحديثين ، وما هما عليه من صحة في أسانيدهما ، ومما سوى ذلك ، فوجدنا روح بن الفرج قد حدثنا ، قال : حدثنا حامد بن يحيى ، قال : حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، عن عروة بن الزبير ، ولم يتجاوزه به ، قال : من قطع سدرة صب الله عليه العذاب صبا .

ففي هذا الحديث إيقافه على عروة بغير تجاوز به إياه إلى عائشة [ ص: 426 ] ولا إلى من سواها ممن ذكر في الحديثين الأولين ، وفيه أيضا شيء ذكره لنا روح قال : سمعت حامدا يقول : ذكرت هذا الحديث لسفيان بن عيينة ، فقال : ذهبت إلى عمرو بن دينار ، فسألته عنه ، فقال لي : اذهب إلى عثمان بن أبي سليمان فإنه يحدث به ، فذهبت إلى عثمان فحدثني فيه بحديثين اختلط علي إسنادهما ، قال سفيان : فسألت هشام بن عروة عن قطع السدر ، فقال : هذه الأبواب من سدرة كانت لأبي قطعها ، فجعل منها هذه الأبواب .

ففيما ذكرنا عن سفيان في هذا الحديث من سؤاله عمرو بن دينار عن الحديث الذي ذكرناه في هذا الباب عنه ، أعني عمرو بن دينار ، وجوابه فيه بما أجابه ، فدل ما ذكرنا فيه عن هشام بن عروة ، عن أبيه أن الحديثين الأولين إن كانا صحيحين ، فقد كان لحقهما نسخ عاد به ما كان فيهما من نهي إلى الإباحة لما في ذلك النهي ؛ لأن عروة مع عدله وعلمه وجلالة منزلته في العلم لا يدع شيئا قد ثبت عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى ضده إلا لما يوجب ذلك له ، فثبت بما ذكرنا نسخ هذين الحديثين مع ما قد دخل الحديث الثاني منهما من خلاف ابن جريج راويه ، وهو إبراهيم بن يزيد ، وإيقافه على عروة ، وهو حجة على إبراهيم بن يزيد ، وإبراهيم ليس بحجة عليه ، بل أهل الإسناد يضعفون روايته في هذا ، وفي غيره .

مع أن إبراهيم هذا قد كان اضطرب في هذا الحديث ، فحدث به مرة هكذا عن عمرو بن دينار ، وحدث به مرة أخرى عن عمرو بن أوس ، ومما قد روي عن عروة أيضا في إباحة قطع السدر : [ ص: 427 ] ما قد حدثنا محمد بن جعفر بن أعين ، قال : حدثنا علي بن حرب الطائي ، قال : حدثنا عبد الله بن داود الهمداني - قال محمد : يعني : الخريبي - عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنه كان يقطع السدر يجعله أبوابا ، وممن قد خالف إبراهيم بن يزيد في حديثه الذي رويناه عنه في هذا الباب : محمد بن مسلم الطائفي ، فرواه عن عمرو بن دينار ، كما .

حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن أعين ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : حدثنا محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن رجل من ثقيف سمع ابن الزبير يقول : من قطع السدر صب الله العذاب عليه صبا ، [ ص: 428 ] فهذا محمد بن مسلم قد خالف إبراهيم في هذا الحديث ، فرده إلى ابن الزبير ، وهو فوق إبراهيم هذا ، ودون ابن جريج ، فأما حديث عثمان بن أبي سليمان الذي ذكره سفيان .

2978 - فهو ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن محمد بن سعيد ، عن عبد الله بن حبشي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قطع سدرة صب الله عز وجل على رأسه العذاب صبا .

2979 - وما قد حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن سعيد بن محمد ، عن عبد الله بن حبشي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قطع سدرة [ ص: 429 ] صوب الله رأسه في النار ، فاختلف إبراهيم وأبو أمية في الرجل الذي اختلفا فيه من رواة هذا الحديث ، فقال إبراهيم : هو محمد بن سعيد ، وقال أبو أمية : هو سعيد بن محمد ، وكان في ذلك ما يوجب اضطراب رواته ، غير أن الصواب فيه ما رواه أبو أمية لموافقة غير أبي عاصم في ذلك على ما رواه عن أبي عاصم .

2980 - كما حدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، قال : حدثنا ابن جريج ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن عبد الله بن حبشي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار ، غير أن هذا الرجل المختلف في اسمه ليس من المشهورين برواية الحديث ، ولم نجد له ذكرا في غير هذا الحديث ، ومثل هذا لا يقوم بمن هذه سبيله ، ثم حديثه هذا قد ذكره عن عبد الله بن حبشي ، ويبعد من القلوب أن يكون لقيه ؛ لأنا لم نجد شيئا من حديث عبد الله بن [ ص: 430 ] حبشي إلا عن من سنه فوق سن هذا الرجل ، وهو عبيد بن عمر ، وحديثه عنه في أفضل الصلاة أنها طول القنوت ، وقد كان سفيان الثوري أيضا ينكر هذا الحديث ، ويأمر بالعمل بضده . كما حدثنا ابن أبي عمران ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : سمعت سفيان بن سعيد ، وسئل عن قطع السدر ، فقال : قد سمعنا فيه بحديث لا ندري الذي جاء به عليه .

2981 - كما قد حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا يعقوب بن حميد ، قال : حدثنا هشام بن سليمان المخزومي ، عن إبراهيم بن يزيد ، عن عمرو بن دينار ، عن الحسن بن محمد عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : قم يا علي فآذن الناس : لعن الله قاطع السدر ، والحسن بن محمد لم يسمع من علي ، ولم يولد في زمنه ، ففي توهين سفيان إياه ما يسقط به مثله ، مع أن سائر أهل العلم من فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتيا على إباحة قطعه ، وفي ذلك ما قد دل على أن الأولى فيه إباحة قطعه ، لا المنع منه ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية