1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذبحه من لا يملكه من الأنعام بغير إذن مالكه هل يكون ذلك ذكاة له يحل أكله أم لا
صفحة جزء
[ ص: 445 ] 472 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذبحه من لا يملكه من الأنعام بغير إذن مالكه هل يكون ذلك ذكاة له يحل أكله أم لا ؟

2992 - حدثنا علي بن شيبة ، ويزيد بن سنان جميعا قالا : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن جارية لآل كعب بن مالك كانت ترعى غنما لهم ، فخافت على شاة منها أن تموت ، فأخذت حجرا ، فذبحتها به ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم بأكلها .

[ ص: 446 ]

2993 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي ، قال : حدثنا صخر بن جويرية ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنما لهم ، فأرادت شاة منها أن تموت ، فذكتها بمروة ، فسأل كعب النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأمره أن يأكلها .

[ ص: 447 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم لكعب بن مالك أكل شاته التي ذبحتها جارية بغير أمره ، ففي ذلك ما قد دل [ ص: 448 ] أن الحكم فيما ذبحه رجل من الأنعام بغير إذن مالكه أن ذلك ذكاة له .

فقال قائل : هذا حديث مضطرب الإسناد لم يروه كما ذكرت عن نافع إلا يحيى بن سعيد ، وصخر بن جويرية ، فأما من سواهما من رواة نافع ، فرووه عن نافع بخلاف هذا الإسناد من الأسانيد التي لا تقوم الحجة بأمثالها .

2994 - وذكر ما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، وقتادة ، وعبيد الله بن عمر ، عن نافع أن كعب بن مالك سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مملوكة ذبحت شاة بمروة ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكلها .

2995 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا عبد الله بن وهب أن مالكا أخبره ، عن نافع مولى ابن عمر ، عن رجل من الأنصار ، عن معاذ بن سعد ، أو عن سعد بن معاذ ، أنه أخبره أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنما له بسلع فأصيبت شاة منها ، فأدركتها فذبحتها بحجر ، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : لا بأس بها فكلوها .

[ ص: 449 ]

2996 - وما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن نافع قال : سمعت رجلا من الأنصار يحدث ابن عمر أن أمة لكعب بن مالك كانت ترعى غنما له بسلع فعرض لشاة منها ، فخشيت عليها أن تموت ، فذبحتها بمروة ، فأتت بها أهلها ، فسأل كعب النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : كلوها .

2997 - وما قد حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : حدثنا نعيم ، قال : أنبأنا ابن المبارك ، قال : أنبأنا موسى بن عقبة ، عن نافع أنه : سمع رجلا من الأنصار يخبر ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن [ ص: 450 ] جارية لكعب بن مالك ، ثم ذكر مثله .

2998 - وما قد حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أنبأنا محمد بن إسحاق ، عن نافع قال : سمعت رجلا من الأنصار يحدث ابن عمر أن جارية لآل كعب بن مالك ، ثم ذكر مثله .

2999 - وما قد حدثنا يزيد ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني نافع أنه سمع رجلا من الأنصار يخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله .

3000 - وما قد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا شعيب بن الليث ، قال : حدثنا الليث ، ثم ذكر بإسناده مثله .

[ ص: 451 ] فكان ما قد رويناه قد رجع إلى ثمانية يروونه عن نافع على ما قد ذكرناه عنهم في هذه الأسانيد التي لا تقوم الحجة بأمثالها ، ويخالفون يحيى بن سعيد ، وصخر بن جويرية فيما روياه عن نافع عليه ، وثمانية أولى بالحفظ من اثنين .

قال هذا القائل : فهل نجد في هذه السنة أصلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد مقبول يوجب ما تذهبون إليه في هذا المعنى من حل هذه المذبوحة بغير أمر مالكها ، وإلا فقد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنع من أكله مثلها .

3001 - فذكر ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن ثعلبة بن الحكم قال : أصاب الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما فانتهبوها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تصلح النهبة ، وأمر بالقدور فأكفئت .

3002 - وما قد حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، قال : حدثني أبي وغيره ، عن سماك بن حرب ، [ ص: 452 ] عن ثعلبة بن الحكم قال : أصبنا يوم خيبر غنما ، فانتهبناها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدورهم تغلي ، فقالوا : إنها نهبة ، فقال : أكفؤوا القدور وما فيها ، فإن النهبة لا تحل .

3003 - وما قد حدثنا محمد بن أحمد بن جعفر الذهلي ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا زكريا بن عدي ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن قيس بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه قال : شهدت فتح خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما هزمناهم وقعنا في رحالهم ، فأخذنا ما كان فيها من حرز فلم ألبث أن فارت القدور ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفئت .

قال : ففي هذه الآثار أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور بما فيها من اللحم إذ كانت نهبة ، ففي ذلك ما دل أن ما ذبح على مثل هذه الحال لا يكون ذكيا ، ولا يحل أكله .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الآثار التي ابتدأنا بذكرها في الفصل الأول من هذا الباب قد دخل أسانيدها من الاضطراب ما قد ذكرناه فيها ، وأن الآثار التي ذكرناها في الفصل الثاني منه من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور باللحم الذي كان فيها [ ص: 453 ] من الغنم إذ كانت نهبة ، فقد يحتمل أن يكون ذلك لا لأنه كان حراما بالنهبة ، ولكن كان عقوبة للمنتهبين ؛ لأن ذلك كان في وقت كانت العقوبات على الذنوب تكون في أموال المذنبين ، كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مانع الزكاة : من أعطاها مؤتجرا كان له أجرها ، ومن لا فإنا آخذوها وشطر ماله ، عزمة من عزمات ربنا عز وجل ، ليس لآل محمد صلى الله عليه وسلم منها شيء ، وسنذكر ذلك فيما بعد من كتابنا هذا في موضع هو أولى من هذا الموضع إن شاء الله .

فأما ما سألت عنه من حديث كعب بن مالك ، وهل جاء من وجه صحيح غير الوجوه التي ذكرتها في هذا الباب ، فإنا قد وجدناه من وجه غير تلك الوجوه مما لا مطعن فيه .

3004 - وهو ما قد حدثنا يونس ، عن موطأ عبد الله بن وهب بعد أن حدثنا فيه عن ابن وهب ، عن مالك بحديث نافع ، عن رجل من الأنصار ، الذي أخبر في جارية بما أخبر به ، ومن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم آل كعب بأكلها وإخباره إياهم أن لا بأس بها ، فقال : أخبرنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثني أسامة ، يعني : ابن [ ص: 454 ] زيد الليثي ، عن ابن شهاب ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ، فلم ير بها بأسا .

قال أبو جعفر : فهذا حديث صحيح الإسناد فيه إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم لآل كعب أكل هذه الشاة ، وإن كانت ذبحت بغير أمره .

قال أبو جعفر : وفي الباب أيضا حديث آخر من حديث عاصم بن كليب الجرمي ، عن أبيه ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الشاة التي ذبحت بغير أمر مالكها وشويت ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إطعامها الأسارى ، وسنذكر ذلك فيما بعد من كتابنا هذا إن شاء الله .

قال أبو جعفر : ففي هذين الحديثين ما قد دل على إطلاق أكل لحم مثل هذه ، وإن كانت قد ذكيت بغير أمر مالكها مع قول فقهاء الأمصار جميعا بما قد وافق ما في هذين الحديثين ، وخالف ما قاله هذا القائل ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية