1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان ما أشكل علينا مما قد روي عنه عليه السلام من نهيه عن اتخاذ الدواب مجالس
صفحة جزء
[ ص: 30 ] 4 - باب بيان ما أشكل علينا مما قد روي عنه عليه السلام من نهيه عن اتخاذ الدواب مجالس ومن نهيه عن اتخاذها كراسي

38 - كما قد حدثنا محمد بن سنان بن سرح الشيزري أبو جعفر ، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ، حدثنا بقية ، وإسماعيل بن عياش ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن أبي مريم ، عن أبي هريرة ، عن النبي عليه السلام قال : { إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر ، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ، وجعل لكم الأرض ، فعليها فاقضوا حوائجكم } .

[ ص: 31 ]

39 - وكما حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، فذكره بإسناده

40 - وكما حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا ابن وهب ، قال : سمعت الليث يقول : حدثني سهل بن معاذ الجهني عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { اركبوا هذه الدواب سالمة ، أو ايتدعوها سالمة ، ولا تتخذوها كراسي } .

[ ص: 32 ] قال أبو جعفر : فوقفنا مما في هذين على نهيه عما نهى عنه منهما مع وقوفنا على ما كان منه من جلوسه على ظهر راحلته للخطبة عليها في يوم عرفة بعرفة ، وفي يوم النحر .

41 - كما حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه عن جابر في حديثه عن حجة رسول الله عليه السلام : أنه لما زاغت الشمس من يوم عرفة في حجته ، أمر بالقصواء ، فرحلت له ، فركب حتى أتى بطن الوادي ، فخطب الناس ، فقال : { إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا وإن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وأول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ، كان مسترضعا في بني سعد ، فقتلته هذيل ، وإن ربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع ربا العباس ، فإنه موضوع كله ، اتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك ، فاضربوهن ضربا غير مبرح ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده : كتاب الله ، وأنتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت ، وأديت ، [ ص: 33 ] ونصحت ، فقال بأصبعه السبابة ورفعها إلى السماء ينكتها إلى الناس : اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، ثم أذن بلال } .

42 - وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا وهب بن جرير ، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي ، قالا : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مرة بن شراحيل ، قال : حدثني رجل من أصحاب النبي عليه السلام ، قال : وأحسبه قال : في عرفتي هذه ، قال : { قام فينا رسول الله عليه السلام على ناقة حمراء مخشرمة } ، وقال يعقوب في حديثه : { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء مخضرمة فقال : هل تدرون أي يوم هذا ؟ قالوا : نعم ، يوم النحر ، قال : صدقتم يوم الحج الأكبر ، قال : هل تدرون أي شهر هذا ؟ قالوا : نعم ، ذو الحجة ، قال : صدقتم ، شهر الله الأصم ، ثم قال : هل تدرون أي بلد هذا ؟ قالوا : نعم ، المشعر الحرام ، قال : صدقتم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن دماءكم وأموالكم - وأحسبه قال - : وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا - أو قال : كحرمة يومكم هذا وشهركم هذا ، وبلدكم هذا - ألا وإني فرطكم على الحوض أنتظركم ، وإني مكاثر بكم الأمم أو الناس ، فلا تسودوا وجهي ، ألا وإني مستنقذ رجالا ، [ ص: 34 ] ومستنقذ مني آخرون ، فأقول : أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا وقد رأيتموني ، وقد سمعتم مني ، وستسألون عني ، فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار } .

43 - ومن ذلك ما قد حدثنا علي بن معبد بن نوح ، حدثنا هوذة بن خليفة ، حدثنا ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة [ عن أبيه ] قال : { لما كان ذلك اليوم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته ، ثم وقف ، فقال : أتدرون أي يوم هذا ؟ فسكتنا حتى رأينا أنه سيسميه سوى اسمه ، ثم قال : أليس يوم النحر ؟ قلنا : بلى ، ثم قال : أتدرون أي شهر هذا ؟ فسكتنا حتى رأينا أنه سيسميه سوى اسمه ، فقال : أليس ذا الحجة ؟ فقالوا : بلى ، فقال : أتدرون أي بلد هذا ؟ فسكتنا حتى رأينا أنه سيسميه سوى اسمه ، فقال أليس البلد الحرام ؟ فقلنا : بلى ، قال : فإن أموالكم ، وأعراضكم ، ودماءكم حرام بينكم في مثل يومكم هذا ، في مثل شهركم هذا ، في مثل بلدكم هذا ، ألا ليبلغ [ ص: 35 ] الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من مبلغ ، ثم مال على ناقته إلى غنيمات ، فجعل يقسمهن بين الرجلين الشاة ، وبين الثلاثة الشاة } . وذكر حديث أبي بكرة ، وفيه : { ركب رسول الله عليه السلام ناقته } .

قال أبو جعفر : فكان ما كان منه من خطبته على راحلته جلوسا منه عليها في ذلك ، وحاش لله أن يكون كان منه في فعله ما يضاد ما كان منه في قوله الذي ذكرناه منه في الحديثين اللذين قدمنا ذكرهما ، ولكنه كان الذي كان منه مما ذكرنا في ذينك الحديثين على نهيه عن الجلوس على ظهور الدواب ، للحديث عليها الذي لا حاجة بالجالس عليها في ذلك منه ، وإذ لا فضل لجلوسه عليها لذلك الحديث ، وجلوسه على الأرض ، وإن كان جلوسه على ظهرها لذلك فضلا لم تدعه إليه ضرورة ، وفي ذلك إتعابها لغير ضرورة دعته إلى ذلك منها ، وكان جلوسه للخطبة على الناس عليها ، ولإسماعه إياهم أمره ونهيه مما لا يتهيأ له مثله في الجلوس على الأرض ، وإذا كان الجلوس على الأرض لا يسمع منه ما يكون من أمره ونهيه كما يسمع ذلك منه ، وهو على ظهر راحلته ، وكانت خطبته على ظهرها بما ذكرنا مما قد دعته إليه ضرورة ، وكان ما في الحديثين الأولين من نهيه عما نهى عنه فيهما إنما هو نهي عن جلوس على ظهرها مما لم تدع إليه ضرورة ، فخرج كل واحد مما في الحديثين ، ومما في خطبته على راحلته على معنى خلاف [ ص: 36 ] المعنى الذي خرج عليه معنى ما في صاحبه ، وانتفى أن يكون في ذلك تضاد .

قال أبو جعفر : وسأل سائل عن معاذ المذكور في أحد الحديثين وهو معاذ بن أنس الجهني ، فقال : هل ثبت له عندكم صحبة يجب بها إدخال حديثه الذي رويتموه عنه في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أدخلتم فيه حديث أبي هريرة الذي رويتموه عنه فيه لصحبة رسول الله عليه السلام ؟ فقيل له : نعم ، قد وقفنا على صحبته له وروايته عنه .

44 - وهو ما حدثنا فهد ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الهقل ، عن الأوزاعي ، عن أسيد بن عبد الرحمن ، عن فروة بن مجاهد ، { عن سهل بن معاذ عن أبيه قال : غزونا مع النبي عليه السلام ، فضيق الناس المنازل ، [ ص: 37 ] وقطعوا الطرق ، فبلغ ذلك النبي عليه السلام ، فقال : ألا من قطع طريقا ، أو ضيق منزلا فلا جهاد له } .

45 - وما قد حدثنا محمد بن سنان ، حدثنا عيسى بن سليمان ، حدثنا ابن عياش ، عن أسيد بن عبد الرحمن ، عن فروة بن مجاهد { عن سهل بن معاذ الجهني قال : غزوت مع أبي الصائفة في زمن عبد الملك بن مروان ، فضيق الناس المنازل ، وقطعوا الطرق ، فقام أبي في الناس ، فقال : أيها الناس ، إني قد غزوت مع النبي عليه السلام غزوة كذا وكذا ، فضيق الناس المنازل ، وقطعوا الطرق ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي : ألا من ضيق منزلا أو قطع طريقا ، فلا جهاد له } .

فعقلنا بذلك أن لمعاذ الجهني من الصحبة لرسول الله عليه السلام والغزو معه ، والرواية عنه ما ذكرناه في هذا الحديث .

وسمعت إبراهيم بن أبي داود يقول : أكثر حديث معاذ هذا الذي في أيدي الناس هو ما رواه المصريون عنه ، وليس في شيء من ذلك ما يدل على صحبته رسول الله عليه السلام ، والذي وجدناه مما قد دلنا على [ ص: 38 ] ذلك ، فهو ما رواه الشاميون عنه على قلة روايتهم عنه .

قال أبو جعفر : قال أبو عبيد فيما أجازه لنا علي بن عبد العزيز عنه : المخضرمة : المشقوقة الأذن ، وأنكر ذلك عليه غيره ، منهم عباس الرياشي فيما حدثني إبراهيم بن حميد عنه ، قال : محال عندنا أن يكون النبي عليه السلام خطب على ناقة هذه صفتها لأنها مبتوكة ، ولكنها ناقة ولدت بين العراب واليمانية ، فقيل لها بذلك : مخضرمة كما قيل لمن ولد في الجاهلية ، ولحق الإسلام مخضرم ، أي : لإدراكه الطرفين جميعا .

سمعت محمد بن علي بن داود البغدادي يقول : سمعت يحيى بن معين يقول لأحمد بن حنبل على باب عفان : يا أبا عبد الله ، إن سرك أن تكتب عن رجل لا يكون في قلبك منه شيء ، فاكتب ، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية