[ ص: 176 ]  501 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلى 
مكة   : هل هو حرمته في الأحوال كلها ، أو على حرمته في حال دون حال وبفعل دون فعل ؟ 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر   : اختلف أهل العلم في حشيش 
مكة  ، وفي ما سواه مما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حصده ، وفي إعلافه الإبل وغيرها ، فقالوا فيه ثلاثة أقوال نحن ذاكروها في هذا الباب إن شاء الله ، لا قول لهم في ذلك سواها . 
كما حدثنا 
جعفر بن أحمد بن الوليد الأسلمي  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15536بشر بن الوليد  ، قال : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف  ، قال : 
سألت  nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة  عن حشيش الحرم ، فقال : لا يرعى ولا يحتش ، وسألت  nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى  ، فقال : لا بأس أن يرعى وأن يحتش ، وسألت  nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة  ، فقال : سألت  nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح  عنه ، فقال : لا بأس أن يرعى ، ولا يحتش  . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف   : وقول 
عطاء  في هذا أحب إلي .  
[ ص: 177 ] ولما اختلفوا في ذلك هذا الاختلاف ، طلبنا الأولى مما قالوه في ذلك مما هو من أقوالهم هذه . 
فوجدنا 
صالح بن عبد الرحمن الأنصاري  قد حدثنا ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور   ( ح ) وحدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=14976يوسف بن يزيد  ، قال : حدثنا 
الحجاج بن إبراهيم  ، قالا : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم  ، قال : أخبرنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج   nindex.php?page=showalam&ids=16486وعبد الملك  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير  ، 
أن  nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب  رأى رجلا يقطع من شجر الحرم  ويعلفه بعيرا له ، قال : فقال : علي بالرجل ، فأتي به ، فقال : يا عبد الله ، أما علمت أن مكة  حرام لا يعضد عضاهها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تحل لقطتها إلا لمعرف ؟ فقال : يا أمير المؤمنين والله ما حملني على ذلك إلا أن معي نضوا لي ، فخشيت أن لا يبلغني أهلي ، وما معي زاد ولا نفقة ، فرق عليه بعدما هم به ، وأمر له ببعير من إبل الصدقة موقرا صحيحا ، فأعطاه إياه وقال : لا تعودن أن تقطع من شجر الحرم  شيئا  .  
[ ص: 178 ] وقد روينا في الباب الذي قبل هذا الباب منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من اختلاء خلى 
مكة  ، فذهب قوم إلى أن الاختلاء ما أخذ باليد دون ما سواه من إعلافه الإبل على ما قد رويناه في هذا الباب عن 
عطاء  ، وعلى ما ذكرنا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف  من موافقته عليه . 
وذهب آخرون إلى أن ذلك ممنوع منه ، لأن تلك الأشياء محرمة في نفسها ، فجميع الأفعال التي تفعل فيها من رعي لها ، ومن اختلاء لها ممنوع منه ، كما الصيد المحرم في نفسه حرام فيه الأشياء كلها لحرمته في نفسه ، وكان هذا القول عندنا أولى هذه الأقوال بالحق ؛ لأن 
عمر  رضي الله عنه خاطب الرجل الذي رآه يرعى بعيره من شجر الحرم بما خاطبه به فيما قد ذكرناه في هذا الحديث ، فدل ذلك على حرمة الرعي فيه ، كما دل على حرمة الاختلاء منه . 
وقد روى قوم حديثا في حرمة 
المدينة  ، وفي المنع من الاختلاء من خلاها وفي أن لا يقطع شجرها إلا أن يعلف الرجل بعيره ، فاستدلوا بذلك على مثله من شجر 
مكة  وخلاها . 
 3147  - وهو ما قد حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=13856إبراهيم بن أبي داود  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17233هدبة بن خالد  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة  ، عن 
أبي حسان   [ ص: 179 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=681758أن  nindex.php?page=showalam&ids=8عليا  عليه السلام أخرج الصحيفة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت في قراب سيفه ، فإذا فيها : إن إبراهيم  صلى الله عليه وسلم حرم مكة  ، وإني حرمت المدينة  ؛ لا يختلى خلاها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يقطع شجرها إلا أن يعلف رجل بعيره  . 
فاعتبرناه ، فوجدناه منقطع الإسناد ، وذلك أن أبا حسان لم يلق 
عليا  رضي الله عنه ، وإنما الذي يحدثه من حديث 
علي  هو مما أخذه عن 
عبيدة السلماني  ومن مثله من أصحابه عنه . 
ولما كان ذلك كذلك ، كان ما رويناه في هذا الباب مما يخالفه  
[ ص: 180 ] عن 
عمر  رضي الله عنه أولى منه ، لا سيما وقد كان ذلك من 
عمر  رضي الله عنه بحضرة من سواه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ينكروا ذلك عليه ، ولم يخالفوه فيه ، فدل ذلك على متابعتهم إياه عليه ، والله نسأله التوفيق . 
ثم وجدنا هذا الحديث متصل الإسناد . 
 3148  - حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب  ، قال : حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=12250أحمد بن حفص بن عبد الله  ، قال : حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=15727أبي  ، قال : حدثني 
 nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم - يعني ابن طهمان -  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15691الحجاج - يعني ابن الحجاج الأحول الباهلي -  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة  ، عن 
أبي حسان الأعرج  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13707الأشتر  ، أنه حدثه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي  رضي الله عنه ، ثم ذكر مثل حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=13856ابن أبي داود  الذي ذكرناه في هذا الباب عن 
هدبة   . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر   : 
والحجاج  هذا ، فإمام في الحديث محمود الرواية . 
فقال قائل : فكيف يجوز أن يكون هذا الحديث متصل الإسناد ، وإنما ذكره 
أبو حسان  عن 
الأشتر  ، 
والأشتر  كانت وفاته في أيام 
 nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب  رضي الله عنه ، وإذا انتفى أن يكون سمع من 
علي  ، كان بأن يكون سمع من 
الأشتر  أشد انتفاء .  
[ ص: 181 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن 
أبا حسان  قد ذكر في هذا الحديث عن 
الأشتر  أنه حدثه به ، فحقق بذلك سماعه إياه منه ، وجاز أن يكون أن 
أبا حسان  رأى 
الأشتر  في حياة 
علي  ، فحدثه بهذا الحديث عن 
علي  ولم ير 
عليا  أو رآه ولم يسمعه منه . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر   : فكان هذا الحديث بعد ثبوته لا يجب به في خلى 
مكة  مساواته خلى 
المدينة  في هذا المعنى ؛ لأنه قد يحتمل أن يكون حكم كل واحد في هذا المعنى خلاف حكم الآخر ، كما حكمهما مختلف في حل دخول حرم 
المدينة  بلا إحرام ، وحرمة دخول حرم 
مكة  إلا بإحرام ، وكما حكمهما في قتل صيدهما مختلف ؛ لأن من قتل صيدا في حرم 
مكة  جزاه ، ومن قتل صيدا في حرم 
المدينة  لم يجزه ، وإذا كان حكم حرم كل واحدة منهما مختلفا فيما ذكرنا ، لم يكن منكرا أن يكون مختلفا في إعلاف الإبل من شجرهما ، فيكون حراما في شجر 
مكة  ، ويكون حلالا في شجر حرم 
المدينة  ، والله عز وجل نسأله التوفيق .