1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جلود الميتة في طهارتها بالدباغ وفيما يخالف ذلك
صفحة جزء
[ ص: 280 ] 521 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جلود الميتة في طهارتها بالدباغ وفيما يخالف ذلك

3236 - حدثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو عامر ووهب بن جرير ، قالا : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن عبد الله بن عكيم ، قال : قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة ، وأنا غلام شاب : أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب .

[ ص: 281 ]

3237 - حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا شجاع بن الوليد السكوني ، عن عبد الملك بن أبي غنية ، عن الحكم ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

3238 - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس ، قال : حدثنا أسباط بن محمد ، عن الشيباني ، عن الحكم ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال أبو جعفر : وكان ما في حديث شعبة من قول ابن عكيم " قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة ، وأنا غلام شاب " [ ص: 282 ] تحقيق حضوره لذلك ، وسماعه إياه من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ما في حديث ابن أبي غنية : جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما في حديث الشيباني : كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد يحتمل أن يكون ذلك مما لم يحضره ابن عكيم ، ويكون قوله : جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على معنى : كتب إلى قومنا ، كما قال النزال بن سبرة : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

3239 - حدثنا فهد بن سليمان وعبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قالا : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا مسعر ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن النزال بن سبرة ، قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا كنا وإياكم في الجاهلية ندعى بني عبد مناف ، ونحن اليوم بنو عبد الله ، وأنتم بنو عبد الله ، يعني لقوم النزال .

هكذا في الحديث فلم يكن ذلك بسماع النزال إياه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا بحضوره إياه من قوله ، وإنما هو بسماع قومه إياه منه ، [ ص: 283 ] وبمحضرهم له من قوله ، وهذا جائز من كلام العرب ، وموجود مثله في كثير من الحديث .

3240 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن خالد - يعني الحذاء - ، عن الحكم ، قال : أتينا عبد الله بن عكيم ، فدخل الأشياخ وجلست بالباب ، فخرجوا ، فأخبروني عن عبد الله بن عكيم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة : أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا بعصب ، كتب قبل أن يموت بشهرين .

قال أبو جعفر : فوقفنا بهذا الحديث على الوقت الذي كان فيه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكر فيه كتابه به ، ثم كشفنا عن حقيقة هذا الحديث .

[ ص: 284 ]

3241 - فوجدنا عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن المبارك ، قال : حدثنا صدقة بن خالد ، عن يزيد بن أبي مريم ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن عبد الله بن عكيم ، قال : حدثني أشياخ من جهينة ، قالوا : أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن لا تنتفعوا من الميتة بشيء .

فحقق ما في هذا الحديث أن ابن عكيم لم يكن شهد ذلك من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا حضر قراءته على من ذكر فيه أنه قرئ عليه ، وكان هؤلاء الأشياخ من جهينة لم يسموا لنا فنعرفهم ، ونعلم أنهم ممن يؤخذ مثل هذا عنهم لصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لأحوال فيهم سوى ذلك توجب قبول رواياتهم ، ولما لم نجد ذلك لهم لم تقم بهذا الحديث عندنا حجة .

وكان حديث ابن عباس عن ميمونة الذي قد ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا في أمره إياهم بدباغ جلد الشاة التي ماتت لهم ، وقوله لهم عند ذلك : إنما حرم لحمها ، أولى منه لصحة مجيئه ، واستقامة طريقه ، وعدل رواته .

[ ص: 285 ] وقد روي أيضا عن ابن عباس هذا الحديث ، فذكر فيه أن الشاة كانت لسودة ابنة زمعة ، وذكر فيه ما يدل على أن ذلك القول كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان لهم بعد إنزال الله عز وجل تحريم الميتة .

3242 - كما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا أبو الأحوص ( ح ) وكما حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا المقدمي ، قال : حدثنا أبو عوانة ، قال صالح في حديثه : عن سماك بن حرب ، وقال ابن أبي داود في حديثه ، قال : حدثنا سماك بن حرب ، ثم قالا جميعا في حديثيهما : عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ماتت شاة لسودة ابنة زمعة ، فقالت : يا رسول الله ، ماتت فلانة - تعني الشاة - ، قال : فلولا أخذتم مسكها ، فقالت : نأخذ مسك شاة قد ماتت ! ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما قال الله عز وجل : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية ، فإنه لا بأس بأن تدبغوه فتنتفعوا به ، قالت : فأرسلت ، فسلخت مسكها فدبغته ، فاتخذت منه قربة حتى تخرقت .

[ ص: 286 ] ثم وجدنا عن ابن عباس في ذلك أيضا :

3243 - ما قد حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن وعلة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أيما إهاب دبغ فقد طهر .

[ ص: 287 ]

3244 - وما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال : حدثنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن وعلة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا دبغ الأديم فقد طهر .

3245 - وما قد حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثني زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن وعلة ، أنه قال لابن عباس : إنا نغزو أرض المغرب ، وإنما أسقيتنا جلود الميتة ، فقال ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيما مسك [ ص: 288 ] دبغ فقد طهر .

3246 - وما قد حدثنا الربيع أيضا ، قال : حدثنا إسحاق بن بكر بن مضر ، قال : حدثنا أبي ، عن جعفر بن ربيعة ، أنه سمع أبا الخير يخبر عن ابن وعلة أنه سأل ابن عباس ، فقال : إنا نغزو هذا المغرب ولهم قرب يكون فيها الماء وهم أهل وثن ، فقال ابن عباس : الدباغ طهور ، فقال له ابن وعلة : أعن رأيك أو عن شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : بل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 289 ] وفي ذلك ما يوجب إباحة جلود الميتة إذا دبغت ، وفي هذا الباب آثار قد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذه الآثار تجزئ عن بقيته ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية