1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن تقليد الخيل الأوتار
صفحة جزء
[ ص: 294 ] 52 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن تقليد الخيل الأوتار

323 - حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي ، حدثنا حبان بن موسى ، أخبرنا عبد الله يعني : ابن المبارك ، أخبرني عتبة بن أبي حكيم ، حدثني الحصين بن حرملة ، عن أبي مصبح ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله عليه السلام : { الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها ، وامسحوا نواصيها ، وادعوا لها بالبركة ، وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار } .

وهذا - أعني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولا تقلدوها الأوتار " - مما تكلم الناس في مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم به .

فكان مما قالوه في ذلك مما أجازه لنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد كأنه يحكيه عن قائل سواه قال : الأوتار ، هاهنا الذحول ، يقول : لا تطلبوا عليها الذحول التي وترتم بها في الجاهلية .

[ ص: 295 ] قال أبو عبيد : وغير هذا أشبه عندي بالصواب . سمعت محمد بن الحسن يقول : معناه الأوتار ، وكانوا يقلدونها إياها فتخنق بها ، قال : ومما يصدق ذلك حديث هشيم ، عن أبي بشر ، عن سليمان اليشكري ، عن جابر : { أن النبي عليه السلام أمر بقطع الأوتار من أعناق الخيل } .

قال أبو عبيد : وبلغني عن مالك أنه قال : إنما كان ذلك يفعل بها مخافة العين عليها ، حدثني به عنه أبو المنذر الواسطي إسماعيل بن عمر ، فأمرهم النبي عليه السلام بقطعها ؛ لأنها لا ترد من قدر الله عز وجل شيئا .

قال أبو عبيد : وهذا يشبه ما كانوا يفعلونه بالتمائم .

قال أبو جعفر : فأما ما حكاه أبو عبيد ، عن أبي المنذر ، عن مالك في تأويل هذا الحديث ، فإنما أخذه فيما نرى ، والله أعلم من حديثه الذي :

324 - حدثناه يونس ، أخبرنا ابن وهب : أن مالكا حدثه عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عباد بن تميم : أن { أبا بشير الأنصاري أخبره : أنه كان مع رسول الله عليه السلام في بعض أسفاره قال : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا ، قال [ ص: 296 ] عبد الله بن أبي بكر ، حسبت أنه قال : والناس في مبيتهم ألا لا تبقين في رقبة بعير قلادة ولا وتر إلا قطعت } .

قال مالك : أرى ذلك من العين .

325 - حدثناه إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، عن مالك ، عن عبد الله ، عن عباد ، عن أبي بشير : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره بعث رجلا وقال : لا تدع قلادة وتر ، ولا قلادة في عنق ، يعني إلا قطعته } .

قال أبو جعفر : فتأملنا حديث جابر الذي ذكرناه في أول هذا الباب ، فوجدنا فيه أمر النبي عليه السلام بتقليد الخيل بقوله : وقلدوها ، فكان ذلك معقولا أنه أراد التقليد الذي يفعله الناس ، وهو تقليد الخيل في أعناقها ، ثم أتبع ذلك بقوله ، ولا تقلدوها الأوتار ، فانتفى بذلك أن يكون أراد الترات ، وثبت به أن ما يقلده في أعناقها مما أمر بتقليدها إياه ، هو ما لا يخاف عليها منه ، كما يخاف عليها من الأوتار إذا قلد بها ، فبان بذلك صحة ما قال محمد بن الحسن في تأويله هذا المعنى ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية