صفحة جزء
[ ص: 173 ] 565 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حريم النخلة

3541 - حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا أبو مصعب الزهري ، قال : حدثنا الدراوردي ، قال : حدثنا عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في نخيلة ، فقطع منها جريدة ثم ذرع بها النخيلة ، فإذا فيها خمسة أذرع ، فجعلها حريمها .

3542 - وحدثنا عبيد بن رجال ، قال : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن أبي طوالة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر ، وعن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ، عن أبي سعيد قال : اختصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلان في حريم [ ص: 174 ] نخلة ، فقال في حديث عمرو بن يحيى : فوجده خمس أذرع ، وقال أبو طوالة : سبع أذرع ، فقضى بذلك ، فقال عبد العزيز : يعني ذرع جريدة من جريدها .

3543 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، قال : أخبرني عمرو بن يحيى ، عن أبيه : أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في لقط نخلة ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم جريدة من جريدها ، فذرعها ، فإذا هي خمس أذرع ، فقضى أن حريمها خمس أذرع .

ولم يذكر في إسناد حديثه أبا سعيد .

[ ص: 175 ] قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث ، فكان أحسن ما حضرنا فيه أنه يراد به النخلة التي يغرسها صاحبها في المكان الذي هو من موات الأرضين ، فيملكه بما يملك به الموات من أمر الإمام بذلك على مذهب من يقول : إن الموات لا يملك إلا بتمليك الإمام إياه من يملكه إياه من الناس وهم أبو حنيفة ، ومن إحيائه إياه ورفع الموات عنه ، وإن لم يملكه الإمام إياه فيملكه بذلك ، كما يقول مالك بن أنس ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، والشافعي ، وأكثر أهل العلم سوى أبي حنيفة في ذلك .

فكان إذا غرسها كما ذكرنا استحق بذلك ما لا يقوم إلا به ، وهو الحريم الذي جعل لها فيما روينا في هذا الباب كما تكون الآبار التي تتخذ في الأرضين الموات من الحريم الذي لا يقوم إلا به .

فمنها بئر العطن ، لها من الحريم أربعون ذراعا من كل جانب من جوانبها .

ومنها بئر الناضح يكون لها من الحريم ستون ذراعا من كل جانب من جوانبها ، وقد كان محمد بن الحسن يقول في هاتين البئرين : إن حريم كل واحدة منهما الأذرع التي ذكرنا أنها حريم لها ، إلا أن يكون الحبل الذي يستقى به منها ويجره البعير الذي يستقيه منها يتجاوز به المقدار الذي ذكرنا من الأذرع لها ، فيكون حريمها إلى حيث يتناهى [ ص: 176 ] إليه ، وإنما الأذرع التي ذكرنا عنده إذا كان الحبل يتناهى إلى الأذرع التي ذكرناها لها أو إلى ما دونها ، وإذا كان كذلك في هاتين البئرين كان مثله حريم النخلة التي يحتاج إليه لها ليكون مشربا لها ، وليلتقط ثمرها ، وليبقى لها جريدها ، فهذا وجه هذا الحديث عندنا ، والله أعلم .

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى حديث آخر .

3544 - وهو ما قد حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي ، قال : حدثنا الصلت بن مسعود الجحدري ، قال : حدثنا فضيل بن سليمان النميري ، قال : حدثنا موسى بن عقبة عن إسحاق بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، عن عبادة بن الصامت ، أن من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى في عرايا النخل ، وذلك أن تكون النخلة أو النخلتان أو الثلاثة بين النخل فيختلفون في حقوق ذلك ، فقضى أن لكل من تلك النخل [ ص: 177 ] مبلغ جريدها حيز لها ، وكانت تسمى العرايا .

قال أبو جعفر : فوجه ما في الحديث عندنا - والله أعلم - هو في النخلة أو النخلتين أو الثلاث تكون بين نخل الرجل ، فيختلف هو وصاحب النخل في حقوق ما لكل واحد منهما من النخل ، فيكون الذي لصاحب النخلة أو النخلتين أو الثلاث ما لا يقوم الذي له من ذلك إلا به ، فهذا وجه هذا الحديث عندنا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية