1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله من أنظر معسرا فله بكل يوم صدقة
صفحة جزء
[ ص: 419 ] 593 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : من أنظر معسرا فله بكل يوم صدقة ، ومن أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة

3810 - حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا معلى بن منصور ، قال : حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن محمد بن جحادة ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أنظر معسرا ، فله بكل يوم صدقة . ثم سمعته يقول : لكل يوم مثله صدقة . قال : فقلت له : إني سمعتك تقول : فله بكل يوم صدقة ، ثم قلت الآن : فله بكل يوم مثله صدقة ، فقال : إنه متى لم يحل الدين ، فله بكل يوم صدقة ، فإذا حل الدين ، فأنظره ، فله بكل يوم مثله صدقة .

[ ص: 420 ] قال أبو جعفر : فاحتمل أن المسؤول عما سئل عنه في هذا الحديث هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واحتمل أن يكون من دونه من رواة هذا الحديث ، فاعتبرنا ذلك .

3811 - فوجدنا إبراهيم بن أبي داود قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا محمد بن جحادة ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أنظر معسرا ، كان له بكل يوم صدقة . قال : وسمعته يقول : من أنظر معسرا ، فله بكل يوم مثله صدقة . قال : قلت : يا رسول الله ، قلت : بكل يوم صدقة ، ثم قلت : له بكل يوم مثله صدقة ، قال : فقال : بكل يوم صدقة ، ما لم يحل الدين ، فإذا حل الدين ، فإن أنظره بعد الحل ، فله بكل يوم مثله صدقة .

فوقفنا بهذا الحديث على أن المسؤول عما سئل عنه فيه من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم تأملنا جوابه من سائله عما سأله عنه من ذلك ، فوجدنا ذلك مما قد أحطنا علما أنه في الديون من القروض لا مما [ ص: 421 ] سواها من أثمان البياعات وغيرها ; لأن الديون من أثمان البياعات وغيرها سواء ، والقروض إنما هي أبدال من أشياء سواها لا حمد فيها لأهلها ، يثابون عليه ، والأموال من القروض هي أموال يتبرع أهلها فيها بإقراضهم إياها من يقرضونه إياها ليتصرف بها في منافع نفسه ، فيكونون في ذلك محمودين ، وعليه مثابين ، واحتمل أن يكون ذلك الصبر إلى المدة التي كان القرض إليها قد لزم المقرض ، كما يقول ذلك من يقوله من أهل المدينة ، منهم : مالك بن أنس ، فيكون ثوابه في ذلك ما يثيبه الله عز وجل ، فإذا حل الدين له فأنظر به من هو له عليه كان ثوابه في ذلك فوق ثوابه الأول ، فإن كان هذا هو حقيقة هذا الحديث ثبت به ما يقول هؤلاء في القروض : إن الآجال يثبت فيها كثبوتها فيما سواها .

وقد يحتمل أن يكون الثواب على ذلك لا لأجل واجب على المقرض ، ولكنه لأجل قد وعده الذي أقرضه ماله ، والوعد وإن كان الحكم لا يوجبه فإن الشريعة توجب الوفاء به ، ويحمد عليه من وفى به ، ويذمه على الخلف فيه ، فيكون المقرض لما له إلى ذلك الأجل موعدا وعدا له الثواب على الوفاء به ، والشريعة تمنعه من خلف موعده في ذلك ، فإذا انقضى ذلك الأجل ذهب عنه ذلك الوعد ، وأطلقت له الشريعة المطالبة بدينه ، فإذا أنظر به بعد ذلك من هو له عليه كان ثوابه على ذلك أعظم من ثوابه عليه فيما كان له فيه من الثواب قبل ذلك ، وهذا تأويل حسن ، وهو الذي يجيء على أصول أبي حنيفة وأصحابه ، والشافعي ، والله أعلم بحكم ذلك كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذين التأويلين ومما سواهما مما قصر عنه علمنا ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية