1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره الملتقط بالإشهاد على ما التقطه
صفحة جزء
[ ص: 143 ] 741 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره الملتقط بالإشهاد على ما التقطه .

4714 - حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا معلى بن أسد العمي ، حدثنا عبد العزيز بن المختار ، عن خالد الحذاء ، عن يزيد بن الشخير ، عن مطرف بن الشخير ، عن عياض بن حمار المجاشعي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من التقط لقطة فليشهد ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيرها ، فإن جاء ربها فهو أحق بها ، وإلا فمال الله يؤتيه من يشاء .

4715 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا علي بن حجر ، حدثنا هشيم ، عن خالد وهو الحذاء ، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير ، عن مطرف ، عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من أخذ لقطة فليشهد ذوي عدل ، وليحفظ عفاصها ووكاءها ، ولا يكتم [ ص: 144 ] ولا يغيرها ، فإن جاء صاحبها فهو أحق بها ، وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء .

قال أبو جعفر : هكذا وجدنا هذا الحديث من روايتي عبد العزيز بن المختار وهشيم بن بشير ، عن خالد الحذاء ، وقد وجدناه من رواية شعبة ، عن خالد الحذاء بزيادة على ذلك .

4716 - كما قد حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا سعيد بن عامر ، حدثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير ، عن مطرف ، عن عياض بن حمار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من التقط لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل ، ثم لا يكتم ولا يغيب ، فإن جاء صاحبها فهو أحق بها ، وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء .

[ ص: 145 ] قال أبو جعفر : وكان ما في هذا الحديث ، فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل ، وهو عندنا ، والله أعلم على الشك من شعبة فيما سمعه من خالد في ذلك ، لأنه إنما كان يحدث من حفظه ، والحفظ قد يقع فيه مثل هذا ، وهشيم أيضا فقد كان يحدث من حفظه ، وحفظه معهود منه مثل هذا ، وعبد العزيز فإنما كان حديثه من كتابه ، فما روياه عندنا من ذلك أولى مما رواه شعبة فيه ، لأن الاثنين أولى بالحفظ من الواحد .

ثم وجدنا هذا الحديث من رواية حماد بن سلمة ، عن خالد الحذاء مخالفا لما قد ذكرناه قبله في إسناده ، ومقصرا في متنه عنهم .

4717 - كما قد حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن عياض بن حمار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ، عن اللقطة ، فقال : تعرف ولا تغيب ولا تكتم ، فإن جاء صاحبها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء .

[ ص: 146 ] ووجدنا عند حماد بن سلمة أيضا هذا الحديث بمثل هذا المعنى في متنه ، عن أبي هريرة .

4718 - كما حدثنا يزيد بن سنان ، أخبرنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن سعيد ، عن أبي العلاء ، عن مطرف ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله .

قال أبو جعفر : وهذا باب من الفقه ، قد اختلف أهله فيه .

فطائفة منهم تقول : إذا ترك الملتقط الإشهاد على اللقطة حين التقطها إنه إنما التقطها ليحفظها على صاحبها وليردها إن وجده ، كانت يده عليها يدا ضامنة وكان عليه غرمها لصاحبها إن ضاعت من يده ، وإن كان أشهد حين التقطها على ذلك كانت يده عليها يد أمانة ، لا ضمان عليه فيها ، إن ضاعت من يده ، وممن كان يقول ذلك منهم أبو حنيفة .

وطائفة منهم تقول : يده عليها يد أمانة أشهد حين التقطها على ما ذكرنا أنه ينبغي له أن يشهد عليه ، أو لم يشهد على ذلك ، إذا كان إنما التقطها مريدا بذلك حفظها على صاحبها وأداءها إذا قدر عليه ، وممن كان يقول ذلك أبو يوسف ومحمد .

[ ص: 147 ] فتأملنا ما اختلفوا فيه من ذلك ، فكان أولى المذهبين اللذين ذكرناهما فيه عندنا ما قالته الطائفة الثانية من الطائفتين اللذين ذكرناهما ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بأخذ اللقطة لحفظها على صاحبها ولردها عليه ، وذلك مما لا يوصل إلى حقيقة ما الملتقط عليه منه ، ولا يعلم إلا بقوله ، ولأنه قد يجوز أن يشهد على أن أخذه إياها ليردها على صاحبها وليحفظها عليه ، ويكون في الحقيقة بخلاف ذلك ، ولما كان ما ذكرنا كذلك عقلنا أن المرجوع إليه فيما يأخذ الملتقط اللقطة عليه مما يكون به ضامنا ، ومما يكون به مؤتمنا عليه ، هو ما هو في الحقيقة عليه من ذلك ، وما لا يعلمه منه غيره من المخلوقين ، فثبت بذلك ما قالته هذه الطائفة في ذلك وانتفاء ما قالته الطائفة الأخرى فيه .

وقد توهم متوهم ممن وقع إليه هذا الحديث على ما رواه شعبة عليه من ذكر ذوي عدل ، أو ذي عدل ، أن ذلك إنما أريد به حجة لمالك اللقطة ، إن دفعه عنها الملتقط أو من سواه ممن تصير إلى يده ، فليشهد له عليها من كان الملتقط أشهده عليها من ذوي عدل فيستحقها لذلك ، أو من ذي عدل فيحلف معه فيستحقها بذلك ، وذكر أن ذلك حجة في القضاء باليمين مع الشاهد .

فتأملنا ما قال من ذلك ، فوجدناه فاسدا ، لأن الإشهاد الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، إن كان لما ذكر ولم يكن على الشك من شعبة فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، فكان فيه تقصير عن مالك اللقطة ، بما يصل به إلى لقطته ، إذا دفع عنها ، إذ كان قد يكون صبيا غير بالغ ، أو مكاتبا ، فلم يعتق ، فيكون ممن لا يستطيع أن يحلف مع شاهده ويقضي له بما يطلبه ، والنبي صلى الله عليه وسلم ، فأبعد الناس من التقصير [ ص: 148 ] في شيء بقوله ، أو في تركه الأمر بإشهاده ذوي عدل في ذلك ، فالأمر بإشهاد ذوي عدل ممن قد لا يكون حجة في ذلك فيما ذكر هذا المتوهم ، وفيما ذكرنا انتفاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعود الحديث على ما رواه عبد العزيز بن المختار وهشيم بن بشير فيه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية