1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي في منع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب عن العود في صدقته
صفحة جزء
[ ص: 19 ] 795 - باب بيان مشكل ما روي في منع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب عن العود في صدقته ، هل ذلك بكل الوجوه حتى لا تصلح له بوجه منها ، أو على خاص من الوجوه ؟

5020 - حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي ، قال : حدثنا خلف بن هشام المقرئ ، قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : حملت على فرس في سبيل الله - عز وجل - وكنا إذا حملنا في سبيل الله أتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفعناه إليه ، فيضعه حيث أراه الله - عز وجل - فجئت بفرسي ، فدفعتها إليه ، فحمل عليها رجلا من أصحابه فوافقته يبيعها في السوق ، فأردت أن أشتريها منه ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له ، فقال : لا تشتريها ، ولا تعد في شيء من صدقتك .

[ ص: 20 ]

5021 - وحدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، عن مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب حمل على فرس في سبيل الله ، فوجده يباع ، فأراد أن يبتاعه ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقال : لا تبتعه ولا تعد في صدقتك .

5022 - وحدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : حدثنا سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر - رضي الله عنه - : أنه أبصر فرسا تباع في السوق ، وكان تصدق بها ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أشتريه ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تشتريه ولا شيئا من نتاجه .

[ ص: 21 ]

5023 - حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ، قال : سمعت يحيى بن سعيد ، يقول : أخبرني نافع ، عن ابن عمر : أن عمر تصدق بفرس له في زمن رسول الله ، وأنه وجده يباع ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا تشتريه ، ولا تقربنه .

قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر عن ابتياع صدقته ، وأن ذلك عود منه فيها فاحتمل أن يكون ذلك يوقع الكراهة لملكها من الوجوه كلها ، واحتمل أن يكون على الكراهة لملكها من بعض الوجوه دون بعض ، فنظرنا في ذلك .

5024 - فوجدنا إبراهيم بن أبي داود قد حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال حدثني عقيل ، عن ابن [ ص: 22 ] شهاب ، قال : أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر : أن ابن عمر كان يحدث أن عمر - رضي الله عنه - تصدق بفرس في سبيل الله ، فوجده يباع بعد ذلك ، فأراد أن يشتريه ، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأمره في ذلك ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تعد في صدقتك .

فبذلك كان ابن عمر يترك أن يبتاع شيئا تصدق به ، أو يرثه ، إلا جعله صدقة ، ففي هذا ما قد دل أن ابن عمر كان يرى أن رجوع الصدقة إلى المتصدق بها بالميراث مكروه له احتباسها في ملك ، حتى يردها إلى الصدقة .

ثم نظرنا : هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدفع هذا القول أم لا . ؟

5025 - فوجدنا يونس قد حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم بن مالك ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله [ ص: 23 ] ، إني أعطيت أمي حديقة ، وإنها ماتت ، ولم تترك وارثا غيري ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وجبت صدقتك ، ورجعت إليك حديقتك .

فكان في هذا إباحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتصدق ملك صدقته بالميراث ، وإباحته ذلك له ، وفيما روينا قبله منعه عمر من ابتياع صدقته ، فوجب بتصحيح هذه الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تكون إعادة المتصدق صدقته بالابتياع ، وبما أشبهه من الأشياء التي تكون منه ، كالقبول لها في هبة له ، أو في صدقة عليه ، أو فيما سوى ذلك من وجوه التمليكات ، مكروها له ، وأن إعادة الله - عز وجل - إياها إلى ملكه بتوريث له إياها عن من تصدق بها عليه ، غير مكروه له ، إذ لم يكن ذلك بارتجاعه إياها ، وإنما كان ذلك بإعادة الله - عز وجل - إياها إليه .

وقد روي أيضا في الرجوع في الصدقة بالابتياع لها نهي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير عمر عن مثل ذلك أيضا .

5026 - كما قد حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا يزيد بن [ ص: 24 ] هارون ، قال : حدثنا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن عبد الله بن عامر ، عن الزبير بن العوام - رضي الله عنه - : أنه حمل على فرس في سبيل الله - عز وجل - فنزا فرسا أو مهرا ، فأراد شراءها ، فنهي عنها .

5027 - وكما حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا سريج بن النعمان ، قال : حدثنا حماد ، عن عاصم الأحول ، عن أبي عثمان النهدي ، عن ابن عباس : أن الزبير حمل على فرس في سبيل الله فوجد فرسا يباع من ضئضئها - يعني ولد ولدها - فنهي أن يشتريها .

قال أبو جعفر : فاختلف سليمان وعاصم في الرجل الذي حدث أبو عثمان بهذا الحديث عنه كما ذكرنا في اختلافهما فيه ، وقد روي [ ص: 25 ] عن أسامة بن زيد مثل ذلك أيضا .

5028 - كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن عبد الله بن معقل ، عن أسامة أو زيد : أنه حمل على فرس في سبيل الله - عز وجل - فأراد أن يشتري فلوها ، فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - .

5029 - وكما حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا ليث بن داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن يحيى بن الجزار ، عن عبد الله بن معقل ، عن أسامة بن زيد أو زيد بن حارثة ، ثم ذكر مثله .

[ ص: 26 ] فزاد ليث بن داود ، عن شعبة على وهب بن جرير في إسناد هذا الحديث بين الحكم وبين عبد الله بن معقل يحيى بن الجزار ، ففي حديثي الزبير وأسامة كراهة ما ولد الفرس المتصدق به ككراهة الفرس بعينه ، فقد بان بحمد الله - عز وجل - ونعمته أن لا تضاد في شيء مما رويناه في هذا الباب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن لكل معنى مذكور فيه وجه ، يتوجه فيه غير الوجه الذي يتوجه فيه ما يظن من لا علم له أنه يخالفه ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية