1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن عمر رضي الله عنه من نهيه أن يغالى في صدقات النساء
صفحة جزء
[ ص: 47 ] 800 - باب بيان مشكل ما روي عن عمر - رضي الله عنه - من نهيه أن يغالى في صدقات النساء ، ومن احتجاجه في ذلك بأصدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ، ومن أصدقة أزواج بناته بناته

5042 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي ، قال : حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، قال : حدثنا العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر ، قال : ما ساق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد من أزواجه ولا بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية .

[ ص: 48 ]

5043 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا أبو نعيم مرة أخرى ، قال : حدثنا العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر بمثل ذلك ، ولم يذكر عمر فيه .

5044 - حدثنا أبو زرعة الدمشقي ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : أظنه عن عمر ثم ذكر مثله .

قال لنا أبو زرعة : ليس الشك مني ، ولكنه في الحديث ، فاختلف فهد وأبو زرعة على أبي نعيم في هذا الحديث كما ذكرنا .

5045 - حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : حدثنا القاسم بن مالك المزني ، عن أشعث ، عن الشعبي ، عن شريح ، عن عمر أنه خطب ، فقال : لا تغلوا صدقات النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا والآخرة ، كان أحقكم بها وأولاكم محمد - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته ، ما تزوج ثيبا من نسائه ، ولا زوج ثيبا من بناته بأكثر من ثنتي عشرة أوقية .

قال أبو جعفر : سمعت هذا الحديث من روح وحفظته وكتبته ، ثم وجدت بعضه قد ذهب من كتابي بانقلاع أسحاة منه ، فكتبته من أصله بعد وفاته هكذا .

[ ص: 49 ]

5046 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا أزهر بن سعد السمان ، عن ابن عون ، عن محمد عن أبي العجفاء ، عن عمر - رضي الله عنه - قال : لا تغلوا في صداق النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا ، أو تقوى عند الله - عز وجل - كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ما زوج ثيبا من بناته ، ولا تزوج امرأة من نسائه بأفضل من ثنتي عشرة أوقية .

5047 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، قال : حدثنا علي بن حجر ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب وابن عون وسلمة بن علقمة وهشام بن حسان - دخل حديث بعضهم في حديث بعض - عن محمد بن سيرين ، قال سلمة : عن ابن سيرين ، نبئت عن أبي العجفاء ، وقال الآخرون : عن محمد بن سيرين ، عن أبي العجفاء ، قال : قال عمر : ألا لا تغلوا صدقات النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا ، أو تقوى عند الله - عز وجل - كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - . ما أصدق امرأة من نسائه ، ولا أصدق امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية ، ألا وإن أحدكم ليغلي بصداق امرأته حتى يبقى لها عداوة في نفسه ، فيقول : لقد كلفت إليك علق القربة ، أو قال : عرق القربة .

[ ص: 50 ]

5048 - وحدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا سريج بن النعمان ، قال : حدثنا هشيم .

5049 - وحدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، ثم اجتمعا ، فقالا : قال : أخبرنا منصور [ ص: 51 ] - يعني ابن زاذان - عن ابن سيرين ، قال : حدثنا أبو العجفاء السلمي ، قال : سمعت عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس ، فحمد الله - عز وجل - وأثنى عليه ثم قال : ألا لا تغالوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا ، أو تقوى عند الله - عز وجل - كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر بقية حديث أحمد بن شعيب .

5050 - حدثنا يزيد ، قال : حدثنا عبد الله بن حمران ، قال : حدثنا ابن عون ، عن محمد ، عن أبي العجفاء ، أو عن ابن أبي العجفاء ، قال : قال عمر ، ثم ذكر مثله .

قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار عن عمر - رضي الله عنه - نهيه الناس أن يتجاوزوا في الأصدقة أصدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان أصدقها نساءه ، والأصدقة التي كان أزواج بناته أصدقوها بناته ، وكان ذلك منه عندنا - والله أعلم - إرادة منه أن تكون الأصدقة المرجوع إليها فيمن يستحق من النساء صداق مثله من نسائه على من يستحقه عليه من الأزواج ، أن يكون وسطا ، وأن لا يكون شططا ، ومثل هذا ما قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنكره في زمنه .

5051 - كما حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا مؤمل بن [ ص: 52 ] إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبي حدرد ، قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله في صداق ، فقال : " كم أصدقت ؟ " قلت : مائتي درهم ، قال : لو كنتم تغرفون من بطحان ، لما زاد .

قال أبو جعفر : هكذا حدثناه بكار .

5052 - وقد حدثناه يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي : أن أبا حدرد تزوج امرأة ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعينه في صداقها ، ثم ذكره .

[ ص: 53 ] وكانت الأصدقة التي كان - صلى الله عليه وسلم - يصدقها نساءه ما قد ذكرناه في هذا الباب ، وكانت أصدقة من لم ينكر عليه ما أصدقه منها .

5053 - ما قد حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا إسماعيل بن عمر ، قال : حدثنا داود بن قيس ، عن موسى بن يسار ، عن أبي هريرة ، قال : كان صداقنا إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر أواق ، وطبق بيديه ، وذلك أربعمائة .

5054 - وما قد حدثنا صالح ، قال : حدثنا سعيد ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا حميد ، عن أنس : أن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - تزوج امرأة من الأنصار على وزن نواة من ذهب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم : أولم ولو بشاة .

[ ص: 54 ] وقد روي عن عائشة فيما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصدقه نساءه .

5055 - ما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا النفيلي ، قال : حدثنا الدراوردي ، قال : أخبرني ابن الهاد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، قال : سألت عائشة عن صداق النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه ، فقالت : اثنتي عشرة أوقية ونشا ، قلت لها: ما النش ؟ قالت : نصف أوقية .

[ ص: 55 ]

5056 - وما قد حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا جدي ، قال : حدثني يحيى بن أيوب ، قال : حدثني ابن الهاد ، ثم ذكر بإسناده مثله ، وزاد فيه : هكذا كان صداق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه وبناته .

وقد روي عن غيرها في ذلك

5057 - ما قد حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا هدبة بن خالد ، قال : حدثنا أبو هلال ، قال : حدثنا حميد بن هلال ، قال : خطب عمرو بن حريث إلى عدي بن حاتم ابنته ، فقال : ما أنا بمزوجك إلا بحكمي ، فأقبل عليه بعض أصحابه ، فقال : والله ، لامرأة من قريش ، أحب إلينا من امرأة من طيئ على حكم أبيها ، فقال : إن ذاك لكذلك ، ثم أبت نفسه أن تدعه إلا أن يخطب إليه ، فقال : ما أنا بمزوجك إلا على حكمي ، قال : قد حكمتك ، قال : اذهب ، فقد أنكحتكها ، فانطلق عمرو ، فبات ولم ينم ، مخافة أن يحكم عليه بما لا يطيق ، فلما أصبح أرسل إليه : بين لي ما حكمت علي حتى أبعث به إليك ، قال : أحكم عليك بأربعمائة وثمانين درهما سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليه بها ، وأرسل إليه بعشرة آلاف ، أو عشرين ألفا - شك هدبة - فقال : جهزها بهذا .

[ ص: 56 ] وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يوافق حديث أبي حدرد .

5058 - وحدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أبو نعيم ، عن ابن عيينة ، عن أبي إسماعيل ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رجل : يا رسول الله تزوجت امرأة - أو خطبت امرأة ، أو ذكر امرأة - قال : انظر إليها ، فإن في عيون الأنصار شيئا ، قال : "كم أصدقتها ؟ " قال : ثمان أواق . قال : " لو كان أحدكم ينحت من الجبل ، ما زاد .

[ ص: 57 ] قال أبو جعفر : فكان عمر - رضي الله عنه - على ما كان عليه مما قد ذكرناه عنه حتى احتج عليه من كتاب الله بما قامت به الحجة عليه في إباحة أعلى الأصدقة .

5059 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مجالد ، عن الشعبي ، قال : خطب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في الناس ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : لا تغالوا في صدق النساء ، فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو سيق إليه ، إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال .

ثم نزل ، فعرضت له امرأة من قريش ، فقالت : يا أمير المؤمنين ، كتاب الله أحق أن يتبع ، أو قولك ؟ قال : بل كتاب الله ، بم ذاك ؟ فقالت : إنك نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صدق النساء ، والله - عز وجل - يقول في كتابه :
وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ، فقال عمر : كل أحد أفقه من عمر ، مرتين أو ثلاثا ، ثم رجع إلى المنبر فقال للناس : إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صدق النساء ، فليفعل رجل في ماله ما شاء .

[ ص: 58 ] قال أبو جعفر : وكان هذا من عمر بعد قيام الحجة عليه هو الواجب عليه ، وكان ما كان منه قبل ذلك من النظر للناس هو الواجب عليه لما أداه إليه اجتهاده فيه ، فلما قامت عليه الحجة من الله - عز وجل - في خلاف ذلك رجع إليه ، وأمر بما قد ذكرناه عنه - فرضوان الله عليه - وهذا مما يدل على صحة ما ذهبنا إليه في اجتهاد الرأي مما قد تقدم ذكرنا له في كتابنا هذا ، ثم قد كان منه - رضي الله عنه - في نفسه .

ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، عن عبد الله بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جده : [ ص: 59 ] أن عمر أصدق أم كلثوم ابنة علي أربعين ألفا .

وقد تقدمه في ذلك ما أصدق عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يتجاوز المقدار الذي كان وقف عليه عمر مما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصدقه نساءه مما قد ذكرنا في هذا الباب .

5060 - كما قد حدثنا محمد بن سليمان الباغندي ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل الجبلي - وهذا رجل محمود الرواية - قال : حدثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا من نسائه ولا بناته فوق ثنتي عشرة أوقية ، إلا أم حبيبة ، فإن النجاشي زوجه إياها ، وأصدقها أربعة آلاف ، ونقد عنه ولم يعطها النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا .

هكذا حدثنا الباغندي هذا الحديث عن الجبلي ، عن ابن المبارك ، [ ص: 60 ] .

وقد خالفه فيه نعيم بن حماد 5061 - كما حدثنا فهد ويحيى بن عثمان ، قالا : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن أم حبيبة : أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش ، وكان رحل إلى النجاشي ، فمات ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج أم حبيبة ، وإنها لبأرض الحبشة ، زوجها إياه النجاشي ، وأمهرها أربعة آلاف من عنده ، وبعث بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع شرحبيل ابن حسنة ، وجهازها كله من عند النجاشي ، ولم يرسل إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء ، وكان مهور أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعمائة درهم .

[ ص: 61 ] قال أبو جعفر : وفي ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الإنكار على النجاشي ، ما قد دل على إباحة قليل الأصدقة وكثيرها ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية