1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المراد بالكلالة
صفحة جزء
[ ص: 223 ] 828 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المراد بالكلالة ، من هو ؟

حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل . وحدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن يحيى بن سعيد أبي حيان التيمي ، عن الشعبي ، عن ابن عمر ، عن عمر ، قال : لوددت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمت حتى يبين للناس أبوابا من الربا والكلالة والجد .

وحدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال : سمعت ابن إدريس ، قال : سمعت أبا حيان ، عن الشعبي ، عن ابن عمر ، قال : سمعت عمر على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ثلاث أيها الناس [ ص: 224 ] وددت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه : الجد ، والكلالة ، وأبواب من أبواب الربا .

وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مرة بن شراحيل ، عن عمر ، قال : ثلاثة لأن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهن لنا قبل أن يموت ، أحب إلي مما على الأرض : الخلافة ، والربا ، والكلالة .

فقلت : الكلالة لا شك فيه هو ما دون الولد والأب ، فقال : الأب يشكون فيه .

وحدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا وهب وأبو داود ، قالا : حدثنا شعبة ، ثم ذكر بإسناده مثله .

وحدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، قال : [ ص: 225 ] حدثنا عمرو بن مرة ، عن مرة ، عن عمر - رضي الله عنه - قال : ثلاث لأن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهن لنا ، أحب إلي من الدنيا وما فيها : الخلافة ، والكلالة ، والربا .

ففي حديث شعبة عن عمرو : أن الكلالة ما دون الولد ، وأنهم كانوا يشكون في الأب ، أهو في ذلك كالولد أم لا . ؟

5224 - وحدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد الغطفاني ، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري ، قال : قام عمر بن الخطاب خطيبا ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : إني والله ما أدع شيئا هو أهم إلي من أمر الكلالة ، وقد سألت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عنها ، فما أغلظ لي في شيء قط ما أغلظ لي فيها حتى طعن بأصبعه في صدري أو في جنبي ، وقال : يا عمر أما يكفيك آية أنزلت في آخر سورة النساء وإني إن أعش أقض فيها بقضية لا يختلف فيها أحد يقرأ القرآن أو لا يقرأ القرآن .

[ ص: 226 ]

5225 - وحدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا سهل بن بكار ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن جابر ، عن الحسن ، عن مسروق ، عن أبيه ، قال : سألت عمر بن الخطاب عن قرابة لي ورث كلالة ، فقال : الكلالة ، الكلالة ، الكلالة ، ثلاثا ، ثم أخذ بلحيته ، فقال : والله لأن أعلمها ، أحب إلي مما على الأرض من شيء ، سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألم تكن تسمع إلى الآية التي أنزلت في الصيف ؟ " مرتين .

5226 - وحدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا يوسف بن عدي [ ص: 227 ] ، قال : حدثنا معمر بن سليمان ، عن حجاج ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب ، قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكلالة ، فقال : " يكفيك آية الصيف .

فكان جميع ما في هذه الآثار ، ترك المسؤول عنها الجواب عنها ، ما هي ؟ تورعا عن القول في كتاب الله - عز وجل - بما لم يوقف على حقيقته من عند الله ، حتى مات عمر على ذلك .

كما حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن سليمان الأحول ، عن طاوس ، قال : سمعت ابن عباس ، يقول : كنت آخر الناس عهدا بعمر ، فسمعته يقول : القول ما قلت . قلت : وما قلت ؟ قال : الكلالة : من لا ولد له .

[ ص: 228 ] وكان الذي في ذلك من عمر - يعني الولد - أن يكون كلالة ، والوقوف عن الوالد ، هل هو كلالة ، أم لا ؟ وقد روي عنه - رضي الله عنه - في ذلك خلاف ما في هذا الحديث .

كما حدثنا عيسى بن إبراهيم أيضا ، قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كان عمر كتب كتابا في الكلالة ، فلما حضرته الوفاة دعا بالكتاب ، فمحاه ، وقال : ترون فيه رأيكم .

وكما حدثنا عبيد بن رجال ، قال : حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن داود بن عبد الله الأودي ، عن [ ص: 229 ] حميد بن عبد الرحمن الحميري ، قال : حدثنا ابن عباس بالبصرة ، قال : قال عمر لما طعن : أما أنا فلم أقض في الكلالة قضاء .

ثم نظرنا فيما روي في الكلالة سوى ذلك . ؟

فوجدنا فهدا قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا حبان بن علي ، عن مجالد ، عن الشعبي ، قال : أمر المغيرة بن شعبة صعصعة بن صوحان أن يخطب الناس ، فتكلم ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله - عز وجل - بعث محمدا حين درست الآثار وتهدمت المنار فبلغ ما أرسل به ، ثم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستخلف أبو بكر ، فأقام المصحف ، وورث الكلالة ، وكان قويا في أمر الله - عز وجل - ثم قبض أبو بكر ، واستخلف عمر ، فمصر الأمصار ، وفرض العطاء ، وكان قويا في أمر الله - عز وجل - ثم قبض عمر ، واجتمع الناس على عثمان ، فكانت خلافته قدرا ، وقتله قدرا ، فقال المغيرة : انظروا ما يقول حين انتهى إلى عثمان . فقال : أمرتني أن أخطب ، فخطبت ، ثم أمرتني أن أجلس ، فجلست .

[ ص: 230 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن أبا بكر - رضي الله عنه - قد كان ورث الكلالة ، ولم نجد فيه ذكر ما كانت الكلالة عنده ، فنظرنا في ذلك .

فوجدنا يونس قد حدثنا ، قال : أخبرنا سفيان ، عن عاصم الأحول ، عن الشعبي : أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - وعمر ، قالا : الكلالة : من لا ولد له ولا والد .

ففي هذا الحديث مع انقطاعه : أن أبا بكر وعمر ، قالا : الكلالة : من لا ولد له ولا والد .

ثم نظرنا فيما روي في ذلك من غير هذه الوجوه التي ذكرناها . ؟

[ ص: 231 ]

5227 - فوجدنا فهدا قد حدثنا ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا أبو شهاب الحناط ، عن ابن عون ، عن عمرو بن سعيد ، عن حميد بن عبد الرحمن ، قال : حدثني ثلاثة من بني سعد : أن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - مرض بمكة ، فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إن لي مالا كثيرا ، وليس لي وارث ، إلا كلالة ، أفأوصي بمالي كله ؟ قال : " لا " قال : أفأوصي بنصفه ؟ قال : " لا " قال : أفأوصي بثلثه ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير .

5228 - ووجدنا يوسف بن يزيد قد حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا ابن عون ، عن عمرو بن سعيد ، قال : حدثني حميد بن عبد الرحمن الحميري ، قال : [ ص: 232 ] حدثني ثلاثة نفر من ولد سعد هذا أحدهم - يعني عامر بن سعد - : أن سعد بن أبي وقاص مرض بمكة ، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده ، فقال له سعد : يا رسول الله ، إني لأدع مالا ، وليس لي وارث إلا الكلالة ، أفأوصي بمالي كله ؟ قال : " لا " . قال : فبنصفه ؟ قال : " لا " . قال : فبثلثه ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير ، إنك أن تدع أهلك بعيش - أو قال : بخير - خير لك من أن تدعهم يتكففون الناس .

فكان في هذا الحديث قول سعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليس لي وارث إلا الكلالة ، وكانت له ابنة قد ذكرها الزهري ، عن عامر بن سعد فيما رويناه في الباب الذي قبل هذا الباب ، فعقلنا بتصحيح أحاديثه : أن معنى قوله : " وليس لي وارث إلا الكلالة " أي : ليس لي وارث مع ابنتي إلا الكلالة ; لأن الابنة ليست بكلالة عند أهل العلم جميعا .

ثم نظرنا هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكلالة غير ما ذكرنا ، أم لا . ؟

5229 - فوجدنا أحمد بن الحسن الكوفي قد حدثنا ، قال : سمعت سفيان ، يقول : سمع ابن المنكدر جابر بن عبد الله ، يقول : مرضت فأتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني ، فوجدني قد أغمي علي ، ومعه أبو بكر يمشيان ، فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصب وضوءه علي ، فأفقت ، فقلت : يا رسول الله ، كيف أقضي في مالي ، كيف أصنع في مالي ؟ فلم يجبني ، حتى نزلت آية الميراث . قال : فكان له سبع أخوات ، ولم يكن له والد ولا ولد . [ ص: 233 ] فقالوا : أيها هذه الآية ؟ فقال يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إلى آخر الآية .

وقال محمد بن المنكدر : قال جابر : في نزلت هذه الآية .

[ ص: 234 ]

5230 - ووجدنا يزيد بن سنان قد حدثنا ، قال : حدثنا وهب بن جرير وبشر بن عمر ، قالا : حدثنا شعبة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا مريض لا أعقل ، فتوضأ ، فصب الوضوء علي ، فعقلت ، فقلت : كيف الميراث ، فإنما ترثني كلالة ؟ فنزلت آية الفرائض .

ففي هذا الحديث : أن جابرا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إنما ترثني كلالة ، [ ص: 235 ] ، ولم ينكر ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله ، فدل ذلك أن الكلالة هي الوارث لا الموروث .

5231 - ووجدنا يزيد قد حدثنا ، قال : حدثنا وهب ، قال : حدثنا هشام ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : اشتكيت وعندي سبع أخوات لي ، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنفخ في وجهي ماء ، فأفقت ، فقلت : يا رسول الله ، أوصي لأخواتي بالثلثين ؟ قال : " أحسن " . قلت : الشطر ؟ قال : " أحسن " . ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتركني ، ثم رجع فقال : يا جابر ، إن الله قد أنزل ، فبين الذي لأخواتك ، فجعل لهن الثلثين فكان جابر يقول : في نزلت هؤلاء الآيات يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة .

[ ص: 236 ] ففي هذا الحديث أن الأخوات اللاتي ذكر جابر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كلالة مما لم ينكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الولد ، وقد تكون بحجب الأخوات إذا كان ذكرا ، ولا يحجبهن إذا كان أنثى ، ليس بكلالة ، كان الوالد الذي لا يحجبهن في الأحوال كلها ، أحرى أن لا يكون كلالة .

وفيما قد ذكرنا ما قد دل أن الكلالة من يرث لا من يورث ، وفي ذلك ما قد دل على صحة قراءة من قرأ : وإن كان رجل يورث كلالة - والله أعلم - . وقد حدثنا ولاد النحوي ، قال : حدثنا أبو جعفر المصادري ، قال : حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى ، قال : الكلالة : كل من أورث غير أب أو ابن أو أخ ، فهو عند العرب كلالة : " يورث كلالة " : وهي مصدر من تكلله النسب .

الكلالة : ما يكلل به النسب من الأعمام ، وبني العم ، والعصبة .

قال : وقال بعضهم : الإخوة من الكلالة .

قال أبو جعفر : والقول عندنا في ذلك ما رويناه في حديثي جابر وسعد : أن الكلالة هم الوارثون ، لا الموروث ، وقد روي أن آية الكلالة هي آخر آية أنزلت .

[ ص: 237 ]

5232 - كما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، قال : سمعت البراء يقول : آخر آية أنزلت يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة وآخر سورة نزلت براءة .

وقد روي عن ابن عباس في الكلالة أيضا .

كما قد حدثنا عيسى بن إبراهيم ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد ، قال : سألت ابن عباس عن الكلالة ، قال : هو من لا ولد له ولا والد . [ ص: 238 ] قلت : فإن الله يقول : إن امرؤ هلك ليس له ولد فغضب علي وانتهرني .

وقد يحتمل أن يكون الذكر للولد في هذه الآية ، وترك الذكر للوالد ; لأن المخاطبين في ذلك يعلمون أن الوالد في هذا المعنى أوكد من الولد ، فيكون الذكر للولد يغني عن ذكر الوالد ، كما قال - جل وعز - : وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وسكت عما سوى هؤلاء مما تحرمه الرضاعة من العمات والخالات وما أشبههن ، لعلم المخاطبين بما خاطبهم به بمراده - عز وجل - فيما سكت عنه ، وهكذا كلام العرب : تخاطب بالشيء حتى إذا علمت فهم المخاطبين بما أريد منهم ، أمسكوا عن بقيته ; لأنهم قد علموا عنه .

والقرآن قد جاء بهذا ، قال الله : ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ، ثم قال : بل لله الأمر جميعا .

فلم يخبر بغير ذلك مما قد اختلف أهل العلم باللغة في مراده - عز وجل - بذلك ، فقال بعضهم : هو : لكان هذا القرآن ، وقال بعضهم : هو : لكفروا به ، - والله أعلم بمراده في ذلك .

وقال - عز وجل - : ولولا فضل الله عليكم ورحمته ولم يذكر ما كان يكون له ، ووصل ذلك بقوله وأن الله تواب حكيم .

[ ص: 239 ] وهذا كثير في كلام العرب ، وكان معقولا أن الكلالة ما يكلل على الموروث والميراث الذي تركه من يستحقه بالسبب الذي يتكلل به عليه ، وكان الولد غير متكلل عليه ; لأنه منه ، فكان مثل ذلك الوالد غير متكلل عليه ; لأنه منه ، فثبت بذلك : أن الكلالة ما عدا الوالد والولد جميعا ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية