1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة القاعد متربعا
صفحة جزء
[ ص: 240 ] 829 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة القاعد متربعا ، هل هي مكروهة أم لا ؟

5233 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن مولى للسائب ، عن السائب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير متربع " .

[ ص: 241 ] ففي هذا الحديث ما يدل على نقص صلاة القاعد متربعا عن [ ص: 242 ] صلاة غيره قاعدا غير متربع ، فكان هذا الحديث عندنا ممن لا يحتج بمثله ; لأن مولى السائب المذكور في إسناده لا يدرى من هو ، ولأن إبراهيم بن المهاجر ليس بالقوي في روايته .

فقال قائل : فقد روي عن ابن مسعود في كراهة التربع في الصلاة .

فذكر ما قد حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، قال : حدثنا الخصيب بن ناصح ، قال : أخبرنا عبد العزيز بن مسلم القسملي ، عن حصين ، عن الهيثم بن شهاب ، قال : قال عبد الله : لأن أجلس على رضفتين ، أحب إلي من أن أتربع في الصلاة .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل وعونه - : أنه لا حجة له في هذا ; لأنه قد يحتمل أن يكون ذلك على التربع الذي لم يبح للمصلي في صلاته ، وهو التربع في القعود للتشهد .

ثم نظرنا هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة متربعا غير الحديث الذي بدأنا بذكره في هذا الباب . ؟

5234 - فوجدنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قد حدثنا ، قال : [ ص: 243 ] حدثنا هارون بن عبد الله .

5235 - ووجدنا أحمد بن شعيب قد حدثنا ، قال : أخبرني هارون بن عبد الله ، ثم اجتمعا فقالا : قال : حدثنا أبو داود الحفري ، عن حفص - قال إسحاق : وهو ابن غياث - عن حميد - قال إسحاق وهو الطويل - عن عبد الله بن شقيق ، عن عائشة ، قالت : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى متربعا .

قال أبو جعفر : فكان هذا الحديث صحيح الإسناد غير مطعون في أحد من رواته ، فهو أولى من حديث مولى السائب الذي لا يدرى من هو . ؟

وقد وجدنا عن أم سلمة وأم الدرداء في ذلك مما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا يوسف بن عدي ، قال : [ ص: 244 ] حدثنا عباد بن عباد المهلبي ، عن عاصم وهشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه : أنها رأت أم سلمة تصلي متربعة من رمد كان بها .

وما قد حدثنا فهد ، قال : حدثنا إسماعيل بن الوليد القعقاعي ، قال : حدثنا هانئ بن عبد الرحمن ، قال : حدثني إبراهيم بن أبي عبلة ، قال : رأيت أم الدرداء تصلي متربعة .

وكان هذا المذهب في هذا الباب بالقياس أولى ; لأنا قد رأينا الإيماء في الصلاة قد خولف فيه بين الإيماء للركوع وبين الإيماء للسجود ، ويجعل أحدهما أخفض من الآخر ; لأن كل واحد منهما بدل لشيء غير ما الآخر بدل منه .

وكان مثل ذلك القعود البدل من القيام في الصلاة ، يكون خلاف القعود الذي هو من الصلاة خلاف ذلك ، وهو القعود للتشهد .

وفيما ذكرنا من هذا يتثبت ما كان أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، [ ص: 245 ] يقولونه في ذلك من أمرهم من عجز عن القيام في الصلاة الذي يبيح له عجزه أن يصلي قاعدا ، أنه يصلي متربعا بدلا من القيام الذي يقومه إذا كان عليه قادرا ، وخلاف ما يقول زفر في ذلك : إن قعوده الذي يكون منه فيها بدلا من قيامه الذي قد عجز عنه كقعوده فيها لتشهده فيها والله - عز وجل - نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية