صفحة جزء
[ ص: 276 ] 836 - باب بيان مشكل ما روى أبو برزة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى

5263 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا سليمان بن حرب ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن جميل بن مرة ، عن أبي الوضيء ، قال : نزلنا منزلا ، فباع صاحب لنا من رجل فرسا ، فأقمنا في منزلنا يومنا وليلتنا ، فلما كان الغد ، قام الرجل يسرج فرسه ، فقال له صاحبه : إنك قد بعتني ، فاختصما إلى أبي برزة ، فقال : إن شئتما قضيت بينكما بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، وما أراكما تفرقتما .

قال أبو جعفر : وقد كان بعض من يذهب إلى الخيار الواجب للمتبايعين بعد عقد البيع يحتج بهذا الحديث ، وبما كان من أبي برزة [ ص: 277 ] فيه ، ومن قوله : وما أراكما تفرقتما .

وكان ما في هذا الحديث لا حجة له فيه ; لأن المتبايعين قد أقاما في منزلهما الذي تبايعا فيه يوما وليلة ، ونحن نعلم أن كل واحد منهما قد كان منه في يومه وليلته مما يكون من مثله من القيام إلى ما يحتاج إليه من غائط ومن بول ، يكون بذلك مفارقا لصاحبه ، ومن قيام إلى صلاة يكون بذلك تاركا لما كان فيه ، ومتشاغلا بغيره .

ومثل ذلك لو كان في صرف تعاقداه بينهما ، ثم كان من أحدهما مثل الذي قد كان منهما من القيام إلى ما نعلم أنهما قد قاما إليه من الغائط ومن البول ، ولم يتقابضا ما تصارفا عليه ، كان ذلك فسادا لصرفهما ، وخروجا منهما عنه ، وكان مثل ذلك الخيار لو كان واجبا بعد البيع ، لكانت هذه الأشياء تقطعه .

وقد قال أبو برزة لهما : ما أراكما تفرقتما ، فدل ذلك أن التفرق كان عنده غير التفرق بالأبدان .

5264 - وحدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا هشام بن حسان ، عن أبي الوضيء ، عن أبي برزة : أنهم اختصموا إليه في رجل باع جارية ، فنام معها البائع ، فلما أصبح قال : لا أرضاها . فقال أبو برزة : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - : قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، وكانا في خباء شعر .

[ ص: 278 ] فكان ما في هذا الحديث غير ما في الحديث الذي ذكرناه قبله ; لأن في الحديث الأول : أن المبيع كان فرسا ، وفي الحديث الثاني : أن المبيع كان جارية ، والحديث راجع إلى أبي برزة بالاختلاف الذي في هاتين الروايتين ، وإذا وقع فيه هذا الاختلاف كما ذكرنا ، لم يكن بإحدى الروايتين أولى منه بالأخرى ، ولم يكن لأحد أن يحتج بأحدهما إلا احتج عليه مخالفه بالآخر منهما ، وليس في واحد منهما ما يوجب أن الخيار الواجب بالحديث الذي رويناه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن ذلك التفرق بالأبدان ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية