1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله في أهل بدر رضوان الله عليهم إنهم أفضل الناس
صفحة جزء
[ ص: 282 ] 839 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله في أهل بدر - رضوان الله عليهم - : " إنهم أفضل الناس " ، ومن قوله : " خير أمتي قرني الذين بعثت فيهم " ، وأنه ليس واحد منهما مخالفا للآخر

5267 - حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي ، قال : حدثنا علي بن قادم ، قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد - يعني أبا حيان التيمي - عن عباية بن رفاعة ، عن رافع بن خديج ، قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل - صلى الله عليه وسلم - أو قال ملك عظيم ، فقال : كيف أهل بدر فيكم ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هم عندنا أفضل الناس ، فقال الملك : كذلك من شهد عندنا بدرا من الملائكة .

قال قائل : في هذا الحديث ما يجب به الفضل لأهل بدر من [ ص: 283 ] الملائكة على الناس جميعا ، وقد رويت فيما تقدم من كتابك هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم " ، ومن ذلك القرن من شهد بدرا ، ومنهم من لم يشهدها ، ففي هذا ما يجب أنهم جميعا قد دخلوا فيما في هذا الحديث ، من شهد منهم بدرا ، ومن لم يشهد ، وفي الحديث الأول : فضل أهل بدر على من سواهم من أهل القرن الذين هم منهم ، وهذا تضاد شديد .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه : أن لا تضاد في ذلك ; لأن القرن الذي بعث فيهم - صلى الله عليه وسلم - خير القرون جميعا ، وهم في أنفسهم متفاضلون بأسباب يتبين بها الفاضلون على المفضولين منهم ، كما الأنبياء - صلوات الله عليهم - أفضل الناس وهم متفاضلون في أنفسهم بالأسباب التي يفضل بها بعضهم بعضا ، كما قال الله - جل ثناؤه - في كتابه : ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض .

فمثل ذلك القرن الذي بعث فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم خير القرون وأفضل القرون ، فهم مع ذلك متفاضلون في أنفسهم بمعانيهم التي يبين بها بعضهم من بعض ، ويفضل بها بعضهم على بعض ، فمثل ذلك أهل بدر يتبينون من أهل القرن الذين هم منهم بالفضل عليهم ، ويتبينون هم وسائر أهل ذلك القرن الذين هم منهم عن سائر القرون من هذه الأمة بالخير والفضل ، فيعود أهل بدر أفضل أهل الفضل الذين هم القرن الذين هم خير القرون بمعانيهم التي فيهم بما ليس [ ص: 284 ] في سواهم من أهل القرن الذين هم منهم .

فقد بان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في شيء من هذه الآثار ، وأن لكل وجه منها معنى سوى معنى الوجه الآخر منها ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية