1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قرأه لما تعار من الليل
صفحة جزء
[ ص: 309 ]

844 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قرأه لما تعار من الليل مما رواه ابن عباس عنه من سورة ( آل عمران )

5289 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، قال : حدثنا سليمان بن بلال ، قال : حدثنا شريك بن أبي نمر - يعني شريك بن عبد الله بن أبي نمر - : أن كريبا مولى ابن عباس ، أخبره أنه سمع ابن عباس ، يقول : بت ليلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما انصرف من العشاء الآخرة انصرفت معه ، فلما دخل البيت ركع ركعتين خفيفتين ، ركوعهما مثل سجودهما ، وسجودهما مثل قيامهما ، وذلك في الشتاء ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحجرة ، وأنا في البيت ، قال : فقلت : والله لأرمقن الليلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأنظرن كيف صلاته ، قال : فاضطجع مكانه في مصلاه حتى سمعت غطيطه ، قال : ثم تعار ، فقام ، فنظر إلى السماء وفكر ، ثم قرأ الخمس الآيات من سورة آل عمران ، ثم أخذ سواكا ، فاستن ثم خرج فقضى حاجته ، ثم رجع إلى شن معلقة ، فصب على يده ثم توضأ ، ولم يوقظ أحدا ، ثم قام فصلى ركعتين ركوعهما مثل سجودهما ، وسجودهما مثل قيامهما ، قال : فأراه صلى مثل ما رقد ، قال : ثم اضطجع مكانه ، فرقد حتى سمعت [ ص: 310 ] غطيطه ، ثم صنع ذلك خمس مرار ، فصلى عشر ركعات ، ثم أوتر بواحدة ، وأتاه بلال ، فآذنه بالصبح ، فصلى ركعتي الفجر ، ثم خرج إلى الصبح .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن الذي قرأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سورة ( آل عمران ) خمس آيات منها ، وهي من آخرها ، وإن كان لم يذكر ذلك في هذا الحديث ، فإنه قد ذكره في حديث مالك الذي ذكرناه في الباب الثالث من كتابنا هذا عن مخرمة بن سليمان ، عن كريب ، أن ابن عباس ، أخبره : أنه بات عند ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام حتى إذا انتصف الليل أو بعده بقليل أو قبل بقليل ، استيقظ ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة ( آل عمران ) .

وذكرنا في ذلك الباب أيضا في حديث علي بن عبد الله بن العباس أنه قرأ : إن في خلق السماوات والأرض حتى ختم السورة .

فعقلنا بذلك أن الذي كان قرأه من سورة آل عمران مما ذكر في الحديث الذي ذكرناه في هذا الباب هو : إن في خلق السماوات والأرض [ ص: 311 ] إلى تمام الخمس الآيات منها ، وهو قوله - عز وجل - : إنك لا تخلف الميعاد .

فقال قائل : من أين جاء هذا الاختلاف ؟ فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل وعونه - : أن ذلك الاختلاف إنما جاء من قبل رواة هذه الأحاديث ممن دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ما في الحديث الأول الذي رويناه في هذا الباب ، هو الذي يقع في القلوب أنه كان الذي قرأه رسول الله ; لأنه إنما قرأ ما قرأ التماس الدعاء والتفكر المذكورين في تلك الآيات ، وكان ما بعد الخمس الآيات المذكور ذلك فيها ليس من ذلك المعنى في شيء ، وإنما هو ذكر ما كان من الله - عز وجل - من استجابته للمذكورين في تلك الآيات ، ثم ما سوى ذلك من غير هذا المعنى إلى خاتمة السورة ، والله أعلم بحقيقة ما كان منه - عليه السلام - في ذلك ، وإياه نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية