1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن ابن مسعود من قوله لما فرض التشهد يعني التشهد في الصلاة
صفحة جزء
[ ص: 269 ] 898 - باب بيان مشكل ما روي عن ابن مسعود من قوله لما فرض التشهد - يعني التشهد في الصلاة - .

5614 - أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن ، عن أبي عبيد الله المخزومي ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، ومنصور ، عن شقيق بن سلمة ، عن ابن مسعود ، قال : كنا نقول قبل أن يفرض التشهد : السلام على جبريل وميكائيل . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا هكذا ، فإن الله هو السلام ، ولكن قولوا : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

[ ص: 270 ] [ ص: 271 ] ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث ، فيذكر فيه : فلما فرض التشهد ، غير ابن عيينة ، وقد رواه من سواه ، وكلهم لا يذكر فيه هذا الحرف .

فسأل سائل عن معنى الفرض في هذا هل هو كفرض الصلاة الذي من جحده كان كافرا ؟

فكان جوابنا له في ذلك : أن الفرض قد يكون على المعنى الذي ذكره من فرض الأشياء التي تلزم ، فيوجب على المفروضة عليهم الخروج منها كالصلوات وما أشبهها ، ومنه قول الله عز وجل : " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ، ثم ذكر أهلها ، من [ ص: 272 ] هم ، ثم أعقب ذلك بقوله : فريضة من الله والله عليم حكيم ، وقد يكون على خلاف ذلك من إعلام الناس بالأشياء المفترضة عليهم فيما ذكر بذلك من الحلال والحرام .

كما حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا الفريابي ، حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء : سورة أنـزلناها وفرضناها ، قال : الأمر بالحلال ، والنهي عن الحرام .

وكما حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا الفريابي ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

وكما حدثنا ولاد النحوي ، قال : حدثنا المصادري ، عن أبي عبيدة : سورة أنـزلناها وفرضناها ، قال : أنزلنا فيها فرائض مختلفة ، وأشياء فرضناها عليكم وعلى من بعدكم إلى يوم القيامة ، قال : والتشديد - يعني في فرضناها - في هذا أحسن .

[ ص: 273 ] قال أبو جعفر : وقد يكون الفرض الذي هذه صفته فرض الاختيار كما روي عن ابن عمر : فرض رسول الله زكاة الفطر ، وذكر في ذلك ما ذكره فيه ، ولم يكن ذلك الفرض كفرض الطواف ولا كفرض الزكوات ، لأن من جحد ما في هذا الحديث لم يكن كافرا كما من جحد تلك الأشياء كان كافرا .

ومثل الفرض الذي ذكرنا الوجوب فقد يذكر الشيء بالوجوب الذي لا يجوز تركه ، والذي هو إذا جحده كان بجحده إياه كافرا ، ومثل الفرض الذي ذكرنا وقد يذكر على وجوب الاختيار ، ومنه ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : غسل الجمعة واجب على كل محتلم .

فكان ذلك على وجوب الاختيار ، وقد يكون الفرض على الإعطاء لا على ما سواه ، ومنه قول الله تعالى : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد [ ص: 274 ] ، فكان الفرض في هذا الإعطاء .

كما حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى بن ميمون ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ، قال : إن الذي أعطاك - يعني القرآن - لرادك إلى معاد يعني إلى مكة ، فكان معنى الفرض في هذا هو العطية .

فاحتمل أن يكون فرض التشهد هو العطية من الله عز وجل إياهم التشهد الذي فيه شهادتهم له عز وجل بالتوحيد ، ثم لرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة ليثبتهم مما شاء أن يثبتهم عليه ، ولم يثبت في حديث ابن مسعود وجوب فرض يخرج عما يقوله أهل العلم في ذلك ، وكان في الصلاة ولو فيها سوى القرآن كالاستفتاح لها ، وكالتسبيح في ركوعها وفي سجودها ، ولما كانت تلك الأشياء - وإن تكاملت في أنفسها - ليست بمفروضة ، كان التشهد مثلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية