صفحة جزء
[ ص: 41 ] 938 - باب بيان مشكل ما روي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في هذا المعنى .

5827 - حدثنا يونس ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى تحاذي منكبيه ، وإذا أراد أن يركع ، وبعد ما يرفع ، ولا يرفع بين السجدتين .

[ ص: 42 ]

5828 - وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا بشر بن عمر ، حدثنا مالك ، [ عن الزهري ] ، ثم ذكر بإسناده مثله .

فكان ما في هذا الحديث ، وكان لا يفعل ذلك بين السجدتين . لا يدرى من قول من هو ؟ وأنه من ابن عمر ، أو ممن هو دونه .

ففي هذا الحديث : الرفع عند افتتاح الصلاة ، وعند الركوع فيها ، وعند الرفع من الركوع فيها ، وإلى هذا كان يذهب الشافعي ، وكثير ممن يذهب إلى الرفع في الصلاة فيما سوى تكبيرة الافتتاح .

5829 - وقد حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس ، حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام .

5830 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا محمد بن عبد الأعلى قالا : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت عبيد الله بن عمر ، عن الزهري ، عن سالم .

عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة ، وإذا أراد أن يركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا قام من الركعتين [ ص: 43 ] رفع يديه ، وذلك كله حذاء المنكبين .

ففي هذا الحديث مثل ما في الحديث الأول ، وزيادة عليه ، وهو الرفع من القعود إلى القيام فيما بعد الركعتين ، فعرفنا بما ذكرنا أنه [ ص: 44 ] [ ص: 45 ] [ ص: 46 ] لا ترفع الأيدي في الصلاة إلا في التكبيرة الأولى منها ، فإن احتج أحد بما في حديثي مالك ، وسفيان ، عن الزهري من اللذين ذكرنا أنه محجوج بما في حديث عبيد الله هذا ، عن الزهري من الرفع بعد القيام من القعود ، وما يلزم واحدا منه ، ومن مخالفه في ذلك أن لا يلزم الآخر منه مثله ، ولئن كان معذورا بخلافه بما رواه عبيد الله ، عن الزهري فيه ؛ إن خصمه لمعذور في تركه ما رواه مالك وسفيان فيه عن الزهري ; لأن عبيد الله ليس بدون مالك ، ولا بدون سفيان في هذا الحديث .

مع أنا قد وجدنا هذا الحديث من رواية نافع موافقا لما رواه عبيد الله في ذلك ، وزائدا عليه رفعا فيما سوى هذه المواضع المذكورات فيه .

5831 - كما حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في كل خفض ، ورفع ، وركوع ، وسجود ، وقيام ، وقعود بين السجدتين ، ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك .

[ ص: 47 ] وكان هذا الحديث من رواية نافع شاذا لما رواه عبيد الله .

وقد روي هذا الحديث عن نافع بخلاف ما رواه عنه عبيد الله .

5832 - وذكر ما قد حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا عبد الغفار بن داود ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع .

عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ، وإذا أراد أن يركع ، فعل مثل ذلك .

[ ص: 48 ] قال : فقد وافق ما رواه مالك وسفيان ، عن الزهري ، وخالف ما رواه عبيد الله عنه .

[ ص: 49 ] فكان جوابنا له في ذلك : أن أيوب ما روى شيئا عن نافع مما رواه عنه فيه غير أيوب بخلاف ما رواه عبيد الله .

ومما يحقق ما رواه عبيد الله عنه في ذلك أفعاله التي كان عليها في صلاته .

كما حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب قال : رأيت طاووسا ، ونافعا يرفعان أيديهما بين السجدتين قال حماد : ورأيت طاووسا ، وأيوب يفعلانه .

فكان فعل نافع هذا مما قد دل على ما رواه عنه من سواه ، وكان بما في هذا الحديث أيضا من تمسك أيوب بذلك ما قد دل على أن الأمر كان عنده فيه كذلك ، إما بأن يكون في حديث نافع تقصير عن ذكره ، أو يكون أخذه عن عبيد الله عن نافع ، فعمل به .

وقد كان حماد بن زيد يذهب في ذلك هذا المذهب أيضا .

حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا وهب بن جرير قال : كان حماد بن زيد يرفع يديه بين السجدتين .

وفيما ذكرنا تحقيق لما قد بينا في الباب مما يوجب قبول هذه الزيادة على ما في حديث مالك ، وسفيان عن الزهري [ و] إلا لزم [ ص: 50 ] مخالفته فيما رواه نافع عن ابن عمر ، وعبيد الله عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ; لأنه لا ينبغي ترك شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد قيام الحجة بما يوجب تركه ، بل من لا يرفع يديه في شيء من الصلاة إلا عند تكبيرة الافتتاح عذر في ذلك ؛ إذ كان قد روي عن ابن عمر مما كان عليه في ذلك بعد النبي - عليه السلام - بخلافه ، وما كان ابن عمر ليترك ما قد كان النبي - عليه السلام - يفعله إلا لما يوجب له ذلك من نسخ له ، أو مما سواه .

فقال قائل : فقد روى طاووس ، فيكون طاووس ، وابن عمر على ما كان عليه مما رواه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قامت عنده الحجة بما يوجب نسخ ذلك ، فتركه ، وصار إلى ما رآه مجاهد عليه ، هذا الأولى بنا في الآثار ، وفي حملها على هذا المعنى ، لا سيما وقد روينا عن عمر - رضي الله عنه - ما يوافق ذلك .

كما حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا الحماني ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن الحسن بن عياش ، عن عبد الملك بن أبجر ، عن الزبير بن عدي ، عن إبراهيم .

عن الأسود قال : رأيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يرفع يديه في أول تكبيرة ، ثم لا يعود قال : ورأيت إبراهيم ، والشعبي يفعلان ذلك .

[ ص: 51 ]

وحدثنا ابن أبي داود ، حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا أبو بكر بن عياش قال : ما رأيت فقيها قط يفعله يرفع يديه في غير التكبيرة الأولى .

وإذا كان عمر ، وعلي ، وعبد الله بن مسعود ، وموضعهم من الصلاة [ ص: 52 ] مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موضع المهاجرين والأنصار ، ثم ابن عمر بعدهم على مثل ذلك ، لم يكن شيء مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في القبول أولى مما رووه عنه .

5833 - كما حدثنا أبو بكرة ، وابن مرزوق قالا : حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا شعبة ، عن أبي جمرة ، عن إياس بن قتادة ، عن قيس بن عباد قال :

قال لي أبي بن كعب : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : كونوا في الصف الذي يليني .

[ ص: 53 ]

5834 - وكما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا بشر بن عمر ، أخبرنا شعبة ، أخبرني سليمان الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن معمر .

عن أبي مسعود الأنصاري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم .

[ ص: 54 ]

5835 - وكما حدثنا بكار بن قتيبة ، وعلي بن معبد قالا : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، حدثنا حميد .

عن أنس . قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليحفظوا عنه .

وفيما رووا في هذا الباب كفاية عما سواه مما قد احتج به فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية