1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه من قوله والله لو منعوني عناقا أو عقالا
صفحة جزء
[ ص: 82 ] 946 - باب بيان مشكل ما روي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - من قوله : والله لو منعوني عناقا أو عقالا ، على ما روي عنه من هاتين الكلمتين مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه .

5851 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا سليمان بن كثير ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله .

عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله عز وجل " قال : فلما كان زمن الردة حدثت بهذا الحديث أبا بكر ، فقال : لو منعوني عقالا لقاتلتهم عليه .

ففي هذا الحديث : لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله [ ص: 83 ] صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه " .

5852 - وحدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا محمد بن كثير العبدي ، حدثني سليمان ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة .

عن أبي هريرة قال : لما قبض الله تعالى نبيه استخلف أبو بكر ، فارتد من ارتد من العرب ، قال : فبعث أبو بكر لقتال من ارتد عن الإسلام من العرب ، فقال له عمر : يا أبا بكر ، ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله " ، فقال : ألا أقاتل أقواما في فرائض الصلاة والزكاة ؟ والله لو منعوني عناقا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه . قال : فلما رأيت الله شرح صدر أبي بكر لقتال القوم علمت أنه الحق .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، عن سليمان ، عن الزهري : لو منعوني عناقا ، وكان ما في الحديث الأول : لو منعوني عقالا . فوقفنا بذلك على أن الاختلاف في هاتين الكلمتين إنما كان من قبل من [ ص: 84 ] روى هذا الحديث ، عن سليمان بن كثير من أبي الوليد ، ومن محمد بن كثير - والله أعلم - بحقيقة ما كان عليه منها عنده .

5853 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا كثير بن عبيد ، عن محمد بن حرب ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله .

عن أبي هريرة ، ثم ذكر هذا الحديث ، غير أنه قال : لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم نجد في ذلك عن الزبيدي اختلافا .

5854 - وحدثنا الليث بن عبدة ، حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، أخبرنا عبيد الله بن عبد الله : أن أبا هريرة قال ، ثم ذكر هذا الحديث ، وقال فيه : لو منعوني عناقا [ ص: 85 ] ولا نعلم ، عن شعيب ، عن الزهري في ذلك اختلافا .

5855 - وكما حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن عبيد الله .

عن أبي هريرة ، ثم ذكر هذا الحديث ، وقال فيه : لو منعوني [ عقالا .

5856 - وحدثناه ... ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن أبي هريرة ، فذكره ، وقال : لو منعوني ] عناقا .

[ ص: 86 ] فاختلف عبد الله بن صالح ، وقتيبة على عقيل فيما رواه عن الليث عنه في هذا الحديث ، فقال كل واحد منهما ما ذكرناه في حديثه عنه - والله أعلم - بحقيقة ما كان عنده في ذلك .

5857 - وحدثنا عبيد بن محمد بن رجال ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا إبراهيم بن خالد ، حدثنا رباح بن زيد ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، ثم ذكر هذا الحديث بغير ذكر منه فيه أبا هريرة قال : فقيل لعبد الرزاق : عن أبي هريرة ؟ قال : لا . ولا اختلاف عن معمر في ذلك عندنا .

[ ص: 87 ]

5858 - وحدثنا هارون بن كامل ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث ، حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله : أن أبا هريرة قال ثم ذكر هذا الحديث ، وقال فيه : لو منعوني عقالا .

[ ص: 88 ] قال أبو جعفر : ولا نعلم عن عبد الرحمن بن خالد في ذلك اختلافا .

5859 - وحدثنا عبيد ، حدثنا أحمد ، حدثنا عنبسة بن خالد ، حدثني يونس بن يزيد ، حدثني ابن شهاب .

5860 - وحدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبي هريرة ، ثم ذكر هذا الحديث ، وقال : والله لو منعوني عناقا ، ولا نعلم عن محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري في ذلك خلافا .

5861 - وحدثنا علي بن شيبة ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أخبرنا النضر بن شميل ، حدثنا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة [ ص: 89 ] عن أبي هريرة ، ثم ذكر هذا الحديث ، وقال فيه : لو منعوني عناقا .

قال أبو جعفر : ولا نعلم عن صالح ، عن الزهري في ذلك خلافا ، فوقفنا بذلك على أن الاختلاف في هاتين الكلمتين إنما كان من رواة هذا الحديث لا من كلامأبي بكر - رضي الله عنه - غير أن الأكثر من رواته هم الذين رووا عنه : " لو منعوني عناقا " ، وكان العقال مما اختلف [ ص: 90 ] فيه ، فقال بعضهم : إن العقال المراد به في هذا : هو الحبل الذي تعقل به الفريضة من الصدقة ، كذلك ذكر لنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد ، عن الواقدي قال : وهذا رأي مالك ، وابن أبي ذئب ، وكان هذا غير معروف عن مالك ، وهو فاسد في القياس ; لأنه لو كان على مؤدي الفريضة من المواشي أنه يؤدي معها عقالا في القياس لكان على من كان عليه زكاة ماله من صدقة الدراهم ، ومن الدنانير أن يؤدي معها كيسا تكون محفوظة فيه ، ولكان على من وجب عليه في نخله الصدقة أن يعطي معها قواصر حتى يجعلها فيه ، وذلك مما لا يقوله أحد ، فكان ذلك دليلا على فساد هذا القول .

وقال بعضهم : العقال : هو صدقة عام ، واحتج في ذلك من العلة بما حكاه لنا علي ، عن أبي عبيد قال : أخبرني ابن الكلبي ، قال : استعمل معاوية ابن أخيه عمرو بن عتبة على صدقات كلب ، فاعتدى عليهم ، فقال عمرو بن العداء الكلبي في ذلك :


سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا فكيف لو قد سعى عمرو عقالين     لأصبح الحي أوبادا ولم يجدوا
عند التفرق في الهيجا جمالين

.

[ ص: 91 ] وكان هذا التأويل أيضا عندنا فاسدا ; لأن أبا بكر - رضي الله عنه - إنما قال ما قال على أنهم لو منعوه قليلا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدقة لقاتلهم عليه ، كما يقاتلهم لو منعوه الصدقة كلها ، ولم نجد في تأويل العقال قولا يشبه أن يكون هو المراد غير شيء قد روي عن ابن الأعرابي قال : المصدق إذا أخذ من الصدقة غير ما فيها قيل : أخذ عقالا ، وإذا أخذ ثمنا قيل : أخذه نقدا ، وأنشد .


فأما أبو الخطاب يضرب طبله     قرين ولا يأخذ عقالا ولا نقدا

.

وكان الأولى بهذا الحديث هو " العناق " لا " العقال " وفي ذلك باب من الفقه يجب الوقوف عليه .

وذلك أن أهل العلم يختلفون في الغنم إذا كانت سوائم فضل ، لا مسنة فيها ، فطائفة منهم تقول : لا شيء فيها ، وطائفة منهم تقول : فيها واحد منها ، وقد رويت هذه الأقاويل كلها عن أبي حنيفة .

حدثنا أحمد بن أبي عمران ، عن محمد بن سماعة ، عن أبي يوسف برجوعه من بعضها إلى بعض قال : فإن قوله الأول منها : إن فيها مسنة .

وكان زفر قد قال هذا القول ، وثبت عليه [ ص: 92 ] كما حدثنا محمد بن العباس ، عن يحيى بن سليمان ، عن الحسن بن زياد ، عن زفر .

وكان أبو يوسف يقول بقوله : فيها واحد منها .

كما حدثنا محمد بن العباس ، عن علي بن معبد ، عن محمد ، عن أبي يوسف .

وكان محمد بن الحسن يقول في ذلك : إنه لا شيء فيها .

كما حدثنا محمد بن العباس ، عن علي بن معبد .

وكان الأولى من أقاويله هذه عندنا في هذا الباب ما قد وافقه أبو يوسف عليه لإخبار أبي بكر - رضي الله عنه - الناس أنهم لو منعوه عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة ، ولا يكون ذلك إلا فيما لا مسنة فيه ، وفي ثبوت ما قد قال أهل القول في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية