1. الرئيسية
  2. شرح مشكل الآثار
  3. باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما اختلف فيه أهل العلم هل عليه بعد رفعه رأسه من السجدة الأخيرة من الركعة التي هي شفع صلاته أن يقعد قعدة
صفحة جزء
[ ص: 350 ] 987 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما اختلف فيه أهل العلم هل عليه بعد رفعه رأسه من السجدة الأخيرة من الركعة التي هي شفع صلاته أن يقعد قعدة ثم يقوم للثانية ، أو يقوم إلى الثانية ولا يقعد ؟

6069 - حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة .

عن مالك بن الحويرث أنه كان يقول لأصحابه : ألا أدلكم كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن ذلك لفي غير حين الصلاة ، فقام فأمكن القيام ، ثم ركع فأمكن الركوع ، ثم رفع رأسه فانتصب قائما هنيهة ، ثم سجد ، ثم رفع رأسه فتمكن في الجلوس ، ثم انتظر هنيهة ثم سجد ، فقال أبو قلابة : فصلى كصلاة شيخنا هذا - يعني عمرو بن سلمة - يسجد هنيهة قال : فرأيت عمرو بن سلمة يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه ؛ كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى والثانية التي لا يقعد فيها استوى قاعدا ثم قام .

[ ص: 351 ]

6070 - حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم ، أخبرنا خالد يعني الحذاء ، عن أبي قلابة .

أخبرنا مالك بن الحويرث أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا .

وهذه مسألة من الفقه قد اختلف أهله فيها ؛ فطائفة منهم تستعمل [ ص: 352 ] ما في هذا الحديث ، وتأمر المصلي بهذه الجلسة ، وممن كان يذهب إلى ذلك منهم : الشافعي .

وكان من سواه من فقهاء الحجاز ومن فقهاء الكوفة لا يعرفون هذه الجلسة البتة ، ولا يأمرون المصلي بها .

فتأملنا في ذلك هل روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالفه أم لا . ؟

6071 - فوجدنا علي بن سعيد بن بشير الرازي قد حدثنا قال : حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد السكوني ، حدثنا أبي .

6072 - ووجدنا نصر بن عمار البغدادي قد حدثنا قال : حدثنا علي بن إشكاب ، حدثنا شجاع ، ثم اجتمعا ، فقالا : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا الحسن بن الحر ، حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك .

عن عياش ، أو عباس بن سهل الساعدي ، وكان في مجلس فيه أبوه ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه أيضا أبو هريرة ، وأبو أسيد ، وأبو حميد الساعدي ، والأنصار أنهم تذاكروا الصلاة ، فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اتبعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : فأرنا ، فقام يصلي ، وهم ينظرون ، فكبر ورفع يديه في أول التكبير ، ثم ذكر حديثا طويلا فيه : أنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى قام ولم يتورك .

[ ص: 353 ] [ ص: 354 ] [ ص: 355 ] فكان في الحديث ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم القعود بعد رفعه رأسه من السجدة الآخرة من الركعة الأولى .

وهذا حديث قد رواه جماعة مذكورون في هذا الحديث ، فمنهم من ذكر فيه باسمه ، ومنهم من ذكر فيه ولم يسم .

وقد روى رفاعة بن رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك أيضا .

6073 - كما حدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا علي بن معبد ، حدثنا إسماعيل بن أبي كثير يعني إسماعيل بن جعفر .

6074 - وكما حدثنا يوسف بن يزيد ، حدثنا حجاج بن إبراهيم ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، ثم اجتمعا ، فقالا : عن يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي ، عن أبيه ، عن جده .

عن رفاعة بن رافع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا هو جالس في [ ص: 356 ] المسجد يوما قال رفاعة : ونحن معه إذ دخل رجل كالبدوي فصلى ، فأخف صلاته ثم انصرف ، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وعليك فارجع فصل ، فإنك لم تصل ، ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا ، فقال له الرجل في آخر ذلك : فأرني وعلمني ، فإنما أنا بشر أصيب وأخطئ . قال : أجل ؛ إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله عز وجل ، ثم تشهد ، ثم كبر ، فإن كان معك قرآن فاقرأه ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع فاعتدل قائما ، ثم اسجد فاعتدل ساجدا ، ثم اجلس حتى تطمئن جالسا ، ثم اسجد فاعتدل ساجدا ، ثم قم ، فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك .

وكان في هذا أمره صلى الله عليه وسلم الرجل بعد فراغه من هذه السجدة بالقيام بلا قعود أمره قبله ، وكان حديث إسماعيل هذا عن يحيى بن علي مخالفا لحديث ابن عجلان الذي رواه حجاج بن رشدين عن حيوة عن ابن عجلان عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر هذا الحديث .

فكان بعض الناس يفسد هذا الحديث ويحتج في فساده .

6075 - بما قد حدثنا يوسف بن يزيد ، حدثنا أبو الأسود ، أخبرنا [ ص: 357 ] ابن لهيعة ، والليث ، عن محمد بن عجلان ، عمن أخبره عن علي بن يحيى بن خلاد ، عن أبيه ، عن عمه رفاعة بن رافع ، ثم ذكر هذا الحديث .

فكان ما ذكر هذا الرجل الذي ادعى فساد هذا الحديث كما ذكر لدخول هذا الرجل الذي ادعى فساد هذا الحديث المجهول بين ابن عجلان وبين علي بن يحيى بن خلاد ، وكان حديث إسماعيل أولى منه ; لأن حديث إسماعيل إنما هو عن يحيى بن علي بن يحيى ، وهو ابن الرجل الذي دخل بين ابن عجلان وبينه الرجل المسكوت عن اسمه في هذا الحديث ، وكان حديث مالك بن الحويرث يحتمل أن يكون ما ذكر فيه مما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فعله من الجلسة التي ذكرها فيه عنه كان ذلك لعلة كانت به صلى الله عليه وسلم حينئذ ، ففعل من ذلك ما فعل لتلك العلة ، لا لأن ذلك من سنة صلاته .

والدليل على ذلك : أن مالك بن الحويرث إنما كان أقام عنده صلى الله عليه وسلم أياما ثم رجع إلى أهله .

6076 - كما حدثنا المزني ، حدثنا الشافعي ، حدثنا الثقفي ، عن أيوب السختياني قال : قال أبو قلابة :

حدثنا مالك بن الحويرث قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ناس ، ونحن شببة متقاربون ، فأقمنا عنده عشرين ليلة ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا ، فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلينا واشتقنا ، سألنا عمن تركنا بعدنا ، فأخبرناه ، فقال : ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم ، وعلموهم ، وأمروهم [ ص: 358 ] وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها .

وكان من روى الحديث الذي ذكرناه من حديث عباس بن سهل عن أبي حميد الساعدي : أنه اتبع صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر أنه كان يقوم من الركعة الأولى بلا تورك ، وصدقه أصحابه بذلك ، ووافقوه على ذلك مخالفا لما روي عن تعليمه صلى الله عليه وسلم للبدوي الصلاة وأمره إياه بالقيام من بعد رفعه رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى .

ثم رجعنا إلى ما يوجبه النظر في ذلك ، فرأينا الرجل إذا أراد الركوع [ ص: 359 ] كبر وخر راكعا ، وإذا رفع رأسه من الركوع قال : سمع الله لمن حمده ، وإذا خر للسجود من القيام قال : الله أكبر ، وإذا رفع رأسه من السجود قال : الله أكبر ، وإذا عاد إلى السجود فعل ذلك أيضا ، وإذا رفع رأسه لم يكن من بعد رفعه رأسه إلى أن يستوي قائما غير تكبيرة واحدة .

فدل ذلك أنه ليس بين سجوده وقيامه جلوس ; لأنه لو كان بينهما جلوس لاحتاج إلى أن يكبر عند قيامه من الجلوس تكبيرة ، كما يكبر عند قيامه من الجلوس في صلاته إذا أراد القيام إلى الركعة التي بعد ذلك الجلوس تكبيرة ، وإذا انتفى أن يكون هناك تكبيرة جلوس ثبت أن لا قعود بين الرفع والقيام ، هذا هو القياس في هذا الباب ، مع ما قد شهد له من الآثار المروية فيه ، ومع ما لرواتها من العدد الذي ليس لمن روى ما يخالفها مثل ذلك ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية