صفحة جزء
[ ص: 371 ] 990 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهدة الرقيق .

6088 - حدثنا أبو أمية قال : حدثنا المعلى بن منصور الرازي ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، أخبرنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن .

عن عقبة بن عامر قال : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدة الرقيق ثلاثة أيام .

[ ص: 372 ]

6089 - وحدثنا أبو أمية ، حدثنا المعلى ، حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن .

عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا عهدة بعد أربع .

6090 - وحدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش البصري ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا أبان بن يزيد ، عن قتادة ، عن الحسن .

عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عهدة الرقيق ثلاثة أيام .

[ ص: 373 ]

6091 - وحدثنا نصر بن مرزوق ، حدثنا الخصيب بن ناصح ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن الحسن .

عن عقبة بن عامر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا عهدة بعد أربع .

6092 - وحدثنا أبو أمية ، حدثنا أبو عاصم ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن .

عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عهدة الرقيق ثلاث .

فكان هذا الحديث قد جاء بهذا الاضطراب ; فمرة يقال فيه : عن الحسن ، عن عقبة ، ومرة : عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

فأما من قال فيه : عن عقبة ، فذلك مما يبعد في القلوب أيضا ; لأن أهل العلم بالحديث جميعا لا يثبتون للحسن لقاء لعقبة .

[ ص: 374 ] وأما من قال عنه : عن الحسن ، عن سمرة ، فذلك موهوم فيه لقاء الحسن سمرة ، وأخذه عنه ، بل قد صح ذلك وثبت .

كما قد حدثنا بكار بن قتيبة ، حدثنا قريش بن أنس ، عن حبيب بن الشهيد قال : قال لي محمد بن سيرين : سل الحسن ممن سمع حديثه في العقيقة . فسألته ، فقال : سمعته من سمرة .

ولما تأملنا هذا الحديث فوجدناه قد جاء بذكر العهدة ، وكانت العهدة في كلام العرب مأخوذة من العهد ، وهي الأشياء المتقدم فيها المطلوب ممن تقدم إليه فيها الوفاء بها ، فمن ذلك قول الله عز وجل : ولقد عهدنا إلى آدم ، ومنها قوله : ألم أعهد إليكم يا بني آدم ، ومنها قوله عز وجل : وكان عهد الله مسئولا ، في أمثال ، كذلك قد جاء بها القرآن ، فكان الأولى بنا مما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب أن نجعله على العقد المشروط في البياعات من الخيارات المشروطات فيها ، أفتكون مدته ثلاثة أيام أم فوقها ، كما يقوله أبو حنيفة وزفر والشافعي .

فأما ما يقوله أهل المدينة في عهدة الرقيق التي يكون فيها موت المبيع ، أو ما ظهر به في بدنه في ثلاثة أيام ، أو في ستة أيام على ما يقولونه في ذلك ، فلم نجد له معنى يقوى في قلوبنا .

وقد كان عطاء وطاووس ينكران ذلك ولا يريانه شيئا .

كما حدثنا أبو أمية ، حدثنا المعلى ، حدثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، أخبرني [ ص: 375 ] ابن طاووس ، عن أبيه : أنه كان لا يرى العهدة شيئا ، لا ثلاثة ولا أكثر .

وكما حدثنا أبو أمية ، حدثنا المعلى ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا ابن جريج قال : قال عطاء : لم يكن فيما مضى عهدة في الأرض قلت : فما ثلاثة أيام ؟ قال : لا شيء .

وكما حدثنا عبيد بن رجال ، حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ، حدثنا الحارث بن عمير ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن شريح قال : عهدة المسلم أن لا داء ولا غائلة ولا شين .

ففي هذا من قول شريح أيضا نفي العهدة التي ذكرنا ، وموافقة عطاء وطاووس على ما ذكرناه عنهما .

ولما لم نجد في العهدة المذكورة في هذا الحديث غير ما ذكرناه فيها التمسنا حكمها من طريق النظر ، فوجدنا الرجل إذا باع العبد أو الجارية من غيره وسلمها إليه ، فأراد أن يمنع المانع من ثمنها أنه [ ص: 376 ] ليس له ذلك ; لأنه لو كان بقي عليه شيء مما يوجبه البيع من خيار أو غيره كان له منعه من ذلك حتى يثبت البيع بينهما ، فكان في إجماعهم أنه ليس له منعه من ذلك ما قد دل على أنه لم يبق له عليه حق بحق البيع الذي كانا قد تعاقداه من عهدة ، ولا مما سوى ذلك ، والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية