المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
[ ص: 580 ] 1 - باب كراهية الإمارة لمن لم يقدر عليها

2095 - قال إسحاق : أخبرنا عيسى بن يونس ، وجرير ، عن الأعمش ، عن سليمان بن ميسرة ، عن طارق بن شهاب ، عن رافع بن أبي رافع الطائي ، قال : لما كانت غزوة ذات السلاسل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا وأمر عليهم عمرو بن العاص رضي الله عنه ، وفيهم أبو بكر رضي الله عنه ، وهي الغزوة التي يفتخر بها أهل الشام ، يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل عمرو بن العاص رضي الله عنه على جيش فيهم أبو بكر رضي الله عنه ، وأمرهم أن يستنفروا من مروا به من المسلمين ، فمروا بنا في دارنا فاستنفرونا فنفرنا معهم ، فقلت : لأتخيرن لنفسي رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأخدمه وأتعلم منه ، فإني لست أستطيع أن آتي المدينة كلما شئت ، فتخيرت أبا بكر رضي الله عنه فصحبته ، وكان له كساء فدكي نحله عليه إذا ركب ، نلبسه جميعا إذا نزلنا ، وهو الكساء الذي [ ص: 581 ] عيرته به هوازن فقالوا : ذا الجلال نتابع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قضينا غزاتنا رجعنا ولم أسأله عن شيء ، قلت له : إني قد صحبتك ولي عليك حق ، ولم أسألك عن شيء ، فعلمني ما ينفعني ; فإني لست أستطيع أن آتيالمدينة كل سبت . قال رضي الله عنه : قد كان في نفسي ذلك قبل أن تذكره لي ، اعبد الله لا تشرك به شيئا ، وأقم الصلاة المكتوبة ، وآت الزكاة المفروضة ، وحج البيت ، وصم رمضان ، ولا تأمرن على رجلين . قلت : أما الصلاة والزكاة فقد عرفتها ، وأما الإمارة فإنما يصيب الناس الخير من الإمارة . قال : إنك قد استجهدتني فجهدت لك ، إن الناس دخلوا في الإسلام طوعا وكرها فأجارهم الله من الظلم ، فهم عواذ الله ، وجيران الله ، وفي ذمة الله ومن يظلم أحدا منهم ، فإنما يخفر ربه ، والله إن أحدكم لتؤخذ شاة جاره أو بعيره فيظل باقي عفلته غضبا لجاره ، والله من وراء جاره . فلما رجعنا إلى ديارنا وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايع الناس أبا بكر رضي الله عنه واستخلف أبو بكر رضي الله عنه ، فقلت : من استخلف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : صاحبك أبو بكر . فأتيت المدينة فلم أزل أتعرض له حتى وجدته خاليا ، فأخذت بيده ، فقلت : أما تعرفني ؟ أنا صاحبك . قال : نعم . قلت : أما تحفظ ما قلت [ ص: 582 ] لي لا تأمرن على رجلين ، وتأمرت على الناس ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي والناس حديث عهد بجاهلية ، وحملني أصحابي وخشيت أن يرتدوا فوالله ما زال يعتذر حتى عذرته .

وزاد جرير فيه : قال : وكنت أسوق الغنم في الجاهلية ، فلم يزل الأمر بي حتى صرت عريفا في إمارة الحجاج ،
يقولها رافع بن أبي رافع الطائي .

هذا حديث غريب ، وسليمان شيخ الأعمش ما عرفته بعد ، وقد روى أحمد طرفا منه بإسناد آخر .

( 92 ) وحديث حبان بن بح الصدائي لا خيرة في الإمارة لرجل مسلم ، [ ص: 583 ] يأتي إن شاء الله في باب علامات النبوة .

( 93 ) وكذلك حديث زياد بن الحارث الصدائي .

[ ص: 584 ] [ ص: 585 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية