المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
[ ص: 463 ] 30 - كتاب الأدب

1 - باب جمل من الأدب

2584 - قال الحارث : حدثنا داود بن المحبر ، حدثنا ميسرة بن عبد ربه ، عن أبي عائشة السعدي ، عن يزيد بن عمر ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، وابن عباس رضي الله عنهما ، قالا : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديثا طويلا وفيه : " ومن اطلع إلى بيت جاره فرأى عورة رجل ، أو شعر امرأة ، أو شيئا من جسدها ، كان حقا على الله تعالى أن يدخله النار مع المنافقين الذين كانوا يتحينون عورات النساء ، ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله تعالى ، ويبدي للناظرين عورته يوم القيامة ، ومن آذى جاره من غير حق ، حرم الله عليه الجنة ، ومأواه النار ، ألا وأن الله تعالى يسأل الرجل عن جاره ، كما يسأله عن حق أهل بيته ، فمن يضيع حق جاره فليس منا ، ومن بات وفي قلبه غش لأخيه المسلم بات وأصبح في سخط الله تعالى حتى يتوب ويراجع ، فإن مات على ذلك مات على غير الإسلام " ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : " ألا من غشنا فليس منا ، حتى قال ذلك ثلاثا ، [ ص: 464 ] ومن اغتاب مسلما بطل صومه ، ونقض وضوءه ، فإن مات وهو كذلك مات كالمستحل ما حرم الله تعالى ، ومن مشى بنميمة بين اثنين سلط الله تعالى عليه في قبره نارا تحرقه إلى يوم القيامة ، ثم يدخله النار ، ومن عفى عن أخيه المسلم ، وكظم غيظه ، أعطاه الله تعالى أجر شهيد ، ومن بغى على أخيه ، وتطاول عليه ، واستحقره ، حشره الله تعالى يوم القيامة في صورة الذر يطؤه العباد بأقدامهم ، ثم يدخل النار ، ولم يزل في سخط الله حتى يموت ، ومن رد عن أخيه المسلم غيبة سمعها تذكر عنه في مجلس ، رد الله تعالى عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة ، فإن هو لم يرد عنه وأعجبه ما قالوا ، كان عليه من الشر مثل وزرهم ، ومن قال لمملوكه ، أو مملوك غيره أو لأحد من المسلمين : لا لبيك ولا سعديك ، انغمس في النار ، ومن ضار مسلما فليس منا ولسنا منه في الدنيا والآخرة ، ومن سمع بفاحشة فأفشاها كان كمن أتاها ، ومن سمع بخير فأفشاه كان كمن عمله ، ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم ربه ، [ ص: 465 ] فما ظنكم ؟ ومن كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا جعل الله له وجهين ولسانين في النار ، ومن مشى في قطيعة بين اثنين كان عليه من الوزر بقدر ما أعطي من أصلح بين اثنين من الأجر ، ووجبت عليه اللعنة حتى يدخل جهنم فيضاعف عليه العذاب ، ومن مشى في عون أخيه المسلم ومنفعته كان له ثواب المجاهدين في سبيل الله تعالى ، ومن مشى في غيبته وبث عورته كانت أول قدم يخطوها كأنما يضعها في جهنم ، ويكشف عورته يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، ومن مشى إلى ذي قرابة أو ذي رحم لبلال أو لسقم به أعطاه الله تعالى أجر مائة شهيد ، وإن وصله مع ذلك كان له بكل خطوة أربعون ألف حسنة وحط عنه بها أربعون ألف ألف سيئة ، ورفع له أربعون ألف ألف درجة ، وكأنما عبد الله تعالى مائة ألف سنة ، ومن مشى في فساد بين القرابات والقطيعة بينهم غضب الله عليه ولعنه ، وكان عليه كوزر من قطع الرحم ، ومن عمل في فرقة بين امرأة وزوجها كان عليه لعنة الله في الدنيا والآخرة ، وحرم الله عليه النظر إلى وجهه ، ومن قاد ضريرا إلى المسجد أو إلى منزله أو إلى حاجة من حوائجه ، كتب له بكل قدم رفعها أو وضعها عتق [ ص: 466 ] رقبة ، وصلت عليه الملائكة حتى يفارقه ، ومن مشى بضرير في حاجة حتى يقضيها ، أعطاه الله براءة من النار وبراءة من النفاق ، وقضى الله تعالى له سبعين ألف حاجة من حوائج الدنيا ، ولم يزل يخوض في الرحمة حتى يرجع ، ومن مشى لضعيف في حاجة أو منفعة أعطاه الله تعالى كتابه باليمين ، ومن ضيع أهله وقطع رحمه ، حرمه الله تعالى حسن الجزاء يوم يجزي الله المحسنين ، وحشر مع الهالكين ، حتى يأتي بالمخرج وأنى المخرج ، ومن فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة ، ونظر إليه نظرة رحمة ينال بها الجنة ، ومن مشى في صلح امرأة وزوجها كان له أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله حقا ، وكان له بكل خطوة عبادة سبعين سنة : صيامها وقيامها ، ومن صنع إلى أخيه معروفا ومن عليه به ، أحبط أجره وخيب سعيه ، ألا وأن الله تعالى حرم الجنة على المنان ، والبخيل ، والمختال ، والقتات ، والجواظ ، والجعظري ، والعتل ، والزنيم ، ومدمن [ ص: 467 ] الخمر ، ومن بنى بناء على ظهر طريق يأوي عابر السبيل ، بعثه الله يوم القيامة على جبينه درة ووجهه يضيء لأهل الجمع ، حتى يقولوا : هذا ملك من الملائكة ، ولم ير مثله حتى يزاحم إبراهيم عليه السلام في الجنة ، ويدخل الجنة بشفاعته أربعون ألف رجل ، ومن احتفر بئرا حتى ينبسط ماؤها فبذلها للمسلمين ، كان له أجر من توضأ منها وصلى ، وله بعدد شعر كل من شرب منها حسنات ، إنس أو جن ، أو بهيمة أو سبع أو طائر ، أو غير ذلك ، وله بكل شعرة في ذلك عتق رقبة ، ويرد في شفاعته يوم القيامة عند الحوض ، حوض القدس ، عدد نجوم السماء " ، قيل : يا رسول الله ، وما حوض القدس ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " حوضي ، حوضي ، حوضي ، ومن شفع لأخيه في حاجة له نظر الله إليه ، وحق على الله تعالى أن لا يعذب عبدا نظر إليه ، إذا كان ذلك بطلب منه أن يشفع له ، فإذا شفع له من غير طلب ، له مع ذلك أجر سبعين شهيدا ، ومن زار أخاه المسلم ، فله بكل خطوة حتى يرجع عتق مائة ألف رقبة ، ومحو مائة ألف سيئة ، ويكتب له بها مائة ألف درجة " فقلنا لأبي هريرة : أوليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أعتق رقبة فهي فكاكه من النار ؟ " ، قال : [ ص: 468 ] نعم ، ويرفع له سائرها في كنوز العرش عند ربه تبارك وتعالى .

هذا الحديث بطوله موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمتهم به ميسرة بن عبد ربه ، لا بورك فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية