المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
3809 - وقال الحارث : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن زياد بن نعيم الحضرمي ، قال : سمعت زياد بن الحارث الصدائي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنه - يحدث قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعته على الإسلام ، فأخبرت أنه بعث جيشا إلى قومي ، فقلت : يا رسول الله ، اردد الجيش ، وأنا لك بإسلام قومي وطاعتهم ، فقال صلى الله عليه وسلم لي : اذهب ، فارددهم فقلت : يا رسول الله ، إن راحلتي قد كلت ، فقال صلى الله عليه وسلم : يا أخا صداء ، إنك لمطاع في قومك فقلت : بل الله تعالى هداهم بك للإسلام ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلا أؤمرك عليهم ؟ فقلت : بلى ، يا رسول الله ، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لي ، فأمرني ، فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مر لي بشيء من صدقاتهم فكتب لي صلى الله عليه وسلم كتابا آخر ، قال الصدائي - رضي الله عنه - : وكان ذلك في بعض أسفاره ، فنزل صلى الله عليه وسلم منزلا ، فأتاه أهل المنزل يشكون عاملهم ، ويقولون : يا رسول الله ، أخذنا بشيء كان بينه وبين قومه في [ ص: 538 ] الجاهلية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفعل ذلك ؟ قالوا : نعم ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه ، وأنا فيهم ، فقال : لا خير في الإمارة لرجل مؤمن ، قال الصدائي - رضي الله عنه - : فدخل قوله صلى الله عليه وسلم في نفسي ، ثم أتاه صلى الله عليه وسلم آخر ، فسأله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أعطني ، فقال صلى الله عليه وسلم : من سأل الناس عن ظهر غنى ، فصداع في الرأس ، وداء في البطن فقال الرجل : أعطني من الصدقات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جل وعلا لم يرض فيها بحكم نبي ولا غيره ، حتى حكم فيها بنفسه ، فجزأها ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك - أو أعطيناك بحقك ، قال الصدائي - رضي الله عنه - : فدخل ذلك في نفسي ، أني سألته وأنا غني ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار بنا من أول الليل ، فلزمته - وكنت قويا - وكان أصحابه - رضي الله عنهم - ينقطعون عنه ويستأخرون ، حتى لم يبق معه أحد غيري ، فلما كان أوان أذان الصبح أمرني صلى الله عليه وسلم ، فأذنت ، فجعلت أقول : أقيم يا رسول الله ، فينظر صلى الله عليه وسلم إلى ناحية المشرق إلى الفجر ، فيقول : لا ، حتى إذا طلع الفجر ، نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتبرز ، ثم انصرف إلي ، وقد تلاحق أصحابه - رضي الله عنهم - ، فقال صلى الله عليه وسلم : هل من ماء يا أخا صداء ؟ قلت : لا ، إلا شيء [ ص: 539 ] قليل لا يكفيك ، قال صلى الله عليه وسلم : اجعله في إناء ، ثم ائتني به ففعلت ، فوضع كفه صلى الله عليه وسلم في الإناء ، فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه صلى الله عليه وسلم عينا تفور ، فقال : يا أخا صداء ، لولا أني أستحيي من ربي عز وجل لسقينا واستقينا ، فناد في أصحابي : من كان له حاجة في الماء ، فناديت ، فأخذ من أراد منهم ، ثم قام صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ، فأراد بلال - رضي الله عنه - أن يقيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أخا صداء أذن ، فهو يقيم ، قال الصدائي - رضي الله عنه - : فأقمت الصلاة ، فلما قضى صلى الله عليه وسلم الصلاة أتيته بالكتابين ، فقلت : يا رسول الله ، أعفني من هذين الكتابين ، قال صلى الله عليه وسلم : وما بدا لك ؟ فقلت : سمعتك يا نبي الله تقول : لا خير في الإمارة لرجل مؤمن ، وأنا أؤمن بالله ورسوله .

وسمعتك تقول للسائل : من سأل الناس عن ظهر غنى ، فهو صداع في الرأس ، وداء في البطن ، وقد سألتك وأنا غني قال صلى الله عليه وسلم : فهو ذاك ، فإن شئت فاقبل ، وإن شئت فدع ، فقلت : بل أدع ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : فدلني على رجل أؤمره عليكم ، فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه ، فأمره علينا ، ثم قلت : يا نبي الله ، إن لنا بئرا ، إذا كان [ ص: 540 ] الشتاء وسعنا ماؤها ، واجتمعنا عليها ، وإذا كان الصيف قل ماؤها ، فتفرقنا على مياه حولنا ، وقد أسلمنا ، وكل من حولنا عدو ، فادع الله تعالى لنا في بئرنا أن يسعنا ماؤها ، فنجتمع عليها ، ولا نتفرق ، فدعا بست حصيات ، ففركهن في يده ، ودعا فيهن ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : اذهبوا بهذه الحصيات ، فإذا أتيتم البئر ، فألقوها واحدة واحدة ، واذكروا اسم الله تعالى ، قال الصدائي - رضي الله عنه - : ففعلنا ، قال : فما استطعنا بعد أن ننظر إلى قعرها
.

أخرج أحمد وأبو داود بعضه مفرقا .

[ ص: 541 ] [ ص: 542 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية