المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
4206 \ 1 - أخبرنا وهب بن جرير بن حازم ، حدثنا أبي ، قال : سمعت محمد بن إسحاق يقول : حدثني جهم بن أبي الجهم ، عن عبد الله بن جعفر ، أو عن من حدثه عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما ، قال : لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت حليمة بنت الحارث في نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسن الرضعاء بمكة ، قالت حليمة : فخرجت في أوائل النسوة على أتان لي قمراء ، ومعي زوجي الحارث بن عبد العزى ، أحد بني سعد بن بكر ، ثم أحد بني ناصرة ، قد أدمت أتاننا ، ومعي بالركب شارف ، والله ما تبض بقطرة من لبن في سنة شهباء ، قد جاع الناس حتى خلص إليهم الجهد ، ومعي ابن لي ، والله ما ينام ليلنا ، وما أجد في ثديي شيئا أعلله به ، إلا أنا نرجو الغيث ، وكانت لنا غنم ، فنحن نرجوها ، فلما قدمنا مكة فما بقي منا أحد إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهته ، فقلنا : إنه يتيم ، وإنما يكرم الظئر ويحسن إليها الوالد ، فقلنا : ما عسى أن تصنع بنا أمه أو عمه أو جده ، فكل صواحبي أخذ رضيعا ولم أجد شيئا ، فلما لم أجد غيره رجعت إليه فأخذته ، والله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره ، فقلت لصاحبي : والله لآخذن اليتيم من بني عبد المطلب ، فعسى الله أن ينفعنا به ، ولا أرجع من بين صواحبي ولا آخذ شيئا ، فقال : قد [ ص: 178 ] أصبت ، قالت : فأخذته ، فأتيت به الرحل ، فوالله ما هو إلا أن أتيت به الرحل فأمسيت أفتل ثدياي باللبن حتى أرويته وأرويت أخاه ، وقام أبوه إلى شارفنا تلك يلمسها ، فإذا هي حافل فحلبها ، فأرواني وروي ، فقال : يا حليمة ، تعلمين ، والله لقد أصبت نسمة مباركة ، ولقد أعطى الله تعالى عليهما ما لم نتمن ، قالت : فبتنا بخير ليلة شباعا ، وكنا لا ننام ليلنا مع صبينا ، ثم اغتدينا راجعين إلى بلادنا أنا وصواحبي ، فركبت أتاني القمراء فحملته معي ، فوالذي نفس حليمة بيده لقطعت بالركب ، حتى إن النسوة ليقلن : أمسكي علينا ، أهذه أتانك التي خرجت عليها ؟ فقلت : نعم ، فقالوا : إنها كانت أدمت حين أقبلنا ، فما شأنها ؟ قالت : فقلت : والله لقد حملت عليها غلاما مباركا ، قالت : فخرجنا فما زال يزيدنا الله تعالى في كل يوم خيرا ، حتى قدمنا والبلاد سنة ، فلقد كانت رعاتنا يسرحون ، ثم يريحون ، فتروح أغنام بني سعد جياعا ، وتروح غنمي شباعا بطانا حفلا ، فتحلب ونشرب ، فيقولون : ما شأن غنم الحارث بن عبد العزى وغنم حليمة تروح شباعا حفلا وتروح غنمكم جياعا ، ويلكم اسرحوا حيث تسرح رعاؤكم ، فيسرحون معهم فما تروح إلا جياعا كما كانت ، وترجع غنمي كما كانت ، قالت : وكان صلى الله عليه وسلم يشب شبابا ما يشبه أحد من الغلمان ، يشب في اليوم شباب الغلام في الشهر ، ويشب في الشهر شباب السنة ، فلما استكمل صلى الله عليه وسلم سنتين أقدمناه مكة ، أنا [ ص: 179 ] وأبوه ، فقلنا : والله لا نفارقه أبدا ونحن نستطيع ، فلما أتينا أمه ، قلنا لها : أي ظئر ، والله ما رأينا صبيا قط أعظم بركة منه ، وإنا نتخوف عليه وباء مكة وأسقامها ، فدعيه ، نرجع به حتى تبرئي من دائك ، فلم نزل بها حتى أذنت ، فرجعنا به ، فأقمنا أشهرا ثلاثة أو أربعة ، فبينا هو يلعب خلف البيوت هو وأخوه في غنم لهم ، إذ أتى أخوه يشتد ، وأنا وأبوه في البيت ، فقال : إن أخي القرشي أتاه رجلان عليهما ثياب بيض فأخذاه فأضجعاه فشقا بطنه ، فخرجت أنا وأبوه نشتد ، فوجدناه قائما قد انتقع لونه ، فلما رآنا أجهش إلينا وبكى ، قالت : فالتزمته أنا وأبوه فضممناه إلينا ، فقلنا : ما لك بأبي أنت وأمي ؟ فقال : أتاني رجلان فأضجعاني فشقا بطني فصنع به شيئا ، ثم رداه كما هو ، فقال أبوه : والله ما أرى ابني إلا وقد أصيب ، الحقي بأهله فرديه إليهم قبل أن يظهر به ما يتخوف منه ، قالت : فاحتملناه ، فقدمنا على أمه ، فلما رأتنا أنكرت شأننا ، وقالت : ما رجعكما به قبل أن أسألكماه ، وقد كنتما حريصين على حبسه ؟ فقلنا : لا شيء ، إلا أن الله تعالى قد قضى الرضاعة ، [ ص: 180 ] وسرنا ما ترين ، وقلنا نؤديه كما تحبون أحب إلينا ، قال : فقلت : إن لكما لشأنا ، فأخبراني ما هو ؟ فلم تدعنا حتى أخبرناها ، فقالت : كلا والله لا يصنع الله ذلك به ، إن لابني شأنا ، أفلا أخبركما خبره ؟ إني حملت به فوالله ما حملت حملا قط كان أخف علي منه ولا أيسر منه ، ثم رأيت حين حملته أنه خرج مني نور أضاء منه أعناق الإبل ببصرى ، أو قالت : قصور بصرى ، ثم وضعته حين وضعته ، فوالله ما وقع كما يقع الصبيان ، لقد وقع معتمدا بيده على الأرض رافعا رأسه إلى السماء ، فدعاه عنكما ، فقبضته وانطلقنا .

[ ص: 181 ] [ ص: 182 ] [ ص: 183 ]

4206 \ 2 - أخبرنا يحيى بن آدم ، أنبأنا ابن إدريس ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا جهم بن أبي جهم ، عن عبد الله بن جعفر ، أو عن من حدثه عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما ، قال : قالت حليمة بنت الحارث ، أم رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدية : قدمت في نفر من بني سعد بن بكر ، نلتمس الرضعاء بمكة ... فذكر نحوه .

[ ص: 184 ]

4206 \ 3 - وقال أبو يعلى : حدثنا مسروق بن المرزبان ، والحسن بن حماد ، ونسخته من حديث مسروق ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن جهم ابن أبي الجهم ، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما ، عن حليمة بنت الحارث ، قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره بطوله .

[ ص: 185 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية