المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
4220 - وقال إسحاق : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ابن خثيم ، عن أبي الطفيل رضي الله عنه ، قال : كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرضم ليس فيه مدر ، وكانت قدر ما يقتحمها العناق ، وكانت غير مهولة إنما يوضع ثيابها عليها ثم تسدل سدلا عليها ، وكان الركن الأسود موضوعا على سورها باديا ، وكانت ذات ركنين كهيئة الحلقة ، مربعة من جانب ومدورة من جانب ، فأقبلت سفينة من أرض الروم ، حتى إذا كانوا قريبا من جدة انكسرت السفينة ، فخرجت قريش ليأخذوا خشبها فوجدوا روميا عندها ، فأخذوا الخشب ، فأعطاهم إياها ، وكانت السفينة تريد الحبشة ، وكان الرومي الذي في السفينة تاجرا ، فقدموا بالخشب ، وقدموا بالرومي ، فقالت قريش : نبني بهذا الخشب بيت ربنا ، فلما أرادوا هدمه إذا هم بحية على سور البيت ، بيضاء البطن ، سوداء الظهر ، فجعلت كلما دنا أحد إلى البيت ليهدمه يأخذ من حجارته سعت إليه فاتحة فاها ، فاجتمعت قريش عند المقام فعجوا إلى الله تعالى ، قال : وقالوا : ربنا لم ترع ، أردنا تشريف بيتك وتزيينه ، فإن كنت ترضى بذلك ، وإلا فما بدا لك فافعل ، فسمعوا جوابا في السماء ، فإذا بطائر أعظم من النسر أسود الظهر أبيض البطن والرجلين ، فغرز مخالبه في بطن الحية ، ثم انطلق بها يجرها وذنبها ساقط ، حتى انطلق بها نحو جياد ، فهدمتها قريش ، فجعلوا يبنونها بحجارة الوادي ، تحملها قريش على رقابها ، ورفعوها في السماء عشرين [ ص: 234 ] ذراعا ، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يحمل حجاره من أجياد وعليه نمرة ، فضاقت عليه النمرة ، فذهب بعض النمرة على عاتقه فترى عورته من صغر النمرة ، فنودي : يا محمد ، خمر عورتك ، فلم ير عريانا بعد ذلك ، وكان بين بنائها وبين ما أنزل الله عليه خمس عشرة سنة ، فلما كان جيش الحصين بن نمير ... فذكر حريقها في زمان ابن الزبير رضي الله عنهما .

قال ابن خثيم : وأخبرني ابن سابط أنه لما بناها ابن الزبير رضي الله عنهما كشفوا عن القواعد ، فإذا الحجر فيها مثل الحلقة ، مشبكة بعضها ببعض ، إذا حركت بالعتلة تحرك الذي من الناحية الأخرى .

قال ابن سابط : فأرانيه زيد بعد العشاء في ليلة مقمرة ، قال : فرأيتها أمثال الحلقة مشبكة أطراف بعضها ببعض .

قال معمر : فأخبرني يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، قال : لما هدموا البيت في الجاهلية ، حتى إذا بلغوا موضع الركن ، خرجت عليهم حية ، كأنما عنقها عنق بعير ، فهاب الناس أن يدنوا منها ، فجاء طائر ظلل نصف مكة فأخذها برجليه ، ثم حلق بها حتى قذفها في البحر .

قال مجاهد : وخرجوا يوما ، فنزع رجل من البيت حجرا فسرق من حلية البيت ، ثم عاد فسرق فلصق الحجر على رأسه .

[ ص: 235 ] [ ص: 236 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية