أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم فتح مكة إلا أربعة من الناس : عبد العزى بن خطل  ، ومقيس بن صبابة  ، وعبد الله بن سعد  ، وأم سارة  ، فأما عبد العزى بن خطل  فإنه قتل وهو آخذ بأستار الكعبة  ، قال : ونذر رجل من الأنصار أن يقتل عبد الله بن سعد  إذا رآه ، وكان أخا عثمان  من الرضاعة ، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع له ، فلما بصر به الأنصاري اشتمل على السيف ثم أتاه ، فوجده في حلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل الأنصاري يتردد ويكره أن يقدم عليه ، لأنه في حلقة النبي صلى الله عليه وسلم ، فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده فبايعه ، ثم قال صلى الله عليه وسلم للأنصاري : قد انتظرتك أن توفي بنذرك ، قال : يا رسول الله ، هبتك ، أفلا أومأت إلي ؟ قال صلى الله عليه وسلم : إنه ليس للنبي أن يكون يومئ . 
قال : وأما مقيس بن صبابة  فإنه كان له أخ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقتل خطأ ، فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني فهر ليأخذ عقله من الأنصار  ، فلما جمع له العقل ورجع نام الفهري ، فوثب مقيس  فأخذ حجرا فجلد به رأسه فقتله ، وأقبل يقول : 
شفى النفس من قد بات بالقاع مسندا يضرج ثوبيه دماء الأخادع     وكانت هموم النفس من قبل قتله 
تلم وتنسيني وطاء المضاجع      [ ص: 456 ] قتلت به فهرا وغرمت عقله 
سراة بني النجار أرباب فارع     حللت به نذري وأدركت ثؤرتي 
وكنت إلى الأوثان أول راجع 
وأما أم سارة   : فإنها كانت مولاة قريش  ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الحاجة ، فأعطاها شيئا ، ثم أتاها رجل فبعث معها بكتاب إلى مكة   ... فذكر قصة حاطب  ، كذا في الأصل