المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
14 - باب مبدأ الفتن وقصة استخلاف عثمان بن عفان رضي الله عنه

( 209 ) تقدم في مناقب عمر حديث جعله الأمر شورى في ستة .

4362 - وقال الحارث : حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، ثنا الليث بن سعد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن ابن شهاب ، أنه حدثه ، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه ، قال : لما كانت الليلة التي في صبيحتها يفرغ النفر الذين استخلفهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم من الخلافة ، صليت العشاء ، ثم انصرفت إلى منزلي فنمت ، فأيقظني من النوم صوت خالي عبد الرحمن بن عوف رحمة الله عليه ، يا مسور ، قال : فخرجت مشتملا بثوبي ، قال : أنمت ؟ قلت : نعم ، قد نمت . قال : خذ عليك ثوبك ثم الحقني إلى المسجد ، ففعلت . فلما انتهيت إليه قال لي : ادع لي الزبير وسعدا أو أحدهما ، [ ص: 625 ] فانطلقت فدعوته ، فلما انتهيت به إليه قال : استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا . قال : ففعلت فتناجيا شيئا يسيرا ، ثم قال : ادع لي الآخر ، فلما انتهيت به إليه قال : استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا . قال : فتناجيا شيئا يسيرا ، ثم نادى : يا مسور ، اذهب فادع لي عليا ، وذلك حين ذهبت فحمة العشاء . قال : فجئت بعلي ، فقال : استأخر عنا قدر ما لا تسمع كلامنا . قال : فلم يزالا يتكلمان من العشاء حتى كان السحر ، إلا أنني لم أسمع من فيهما ما أظنني أنهما قد أقبلا . فلما كان السحر ، ناداني وعلي رضي الله عنه عنده ، فقال : اذهب فادع لي عثمان رضي الله عنه ، قال : ففعلت . فتناجيا ، وأذن المؤذن بالصبح ، قال : فتفرقوا للوضوء ، وقد علم الناس أنها صبيحة الخلافة ، فاجتمعوا للصبح ، [ ص: 626 ] كما يجتمعون للجمعة ، فأمر عبد الرحمن رضي الله عنه النفر أن يجلسوا بين يدي المنبر ، فلما أبصر الناس بعضهم بعضا وطلعت الشمس قام عبد الرحمن رضي الله عنه إلى جنب المنبر ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس ، قد علمتم الذي كان من وفاة أمير المؤمنين واستخلافه إيانا أيها النفر ، ورضي أصحابي أن ذلك إلي ، فأختار رجلا منهم ، وهؤلاء هم بين أيديكم ، ثم استقبلهم رجلا رجلا ، فقال : أي فلان ، عليك عهد الله وميثاقه لتسمعن ولتطيعن لمن وليت ولترضين ولتسلمن ؟ فيقول : نعم ، رافعا صوته يسمع الناس ، حتى فرغ منهم رجلا رجلا : عثمان وعلي والزبير وسعد رضي الله عنهم . قال : أما طلحة فأنا حميل برضاه . ثم قال : إني لم أزل دئبا منذ ثلاث أسألكم عن هؤلاء النفر ، ثم سألتهم عن أنفسهم ، فوجدتكم أيها الناس وإياهم اجتمعتم على عثمان رضي الله عنه ، قم يا عثمان ، فلم يقل رجل من المهاجرين ولا الأنصار ولا وفود العرب ولا صالحي الناس : [ ص: 627 ] إنك لم تستشرنا ، ولم تستأمرنا ، فرضوا وسلموا ، فلبثوا ست سنين لا يعيبون شيئا . قال : كان طائفة منهم يفضلونه على عمر رضي الله عنه ، يقولون : العدل مثل عمر ، واللين ألين من عمر ، ثم حدث ما حدث .

[ ص: 628 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية