المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
[ ص: 254 ] 30 - باب استخلاف معاوية رضي الله عنه ولده يزيد

4453 - قال أبو يعلى : حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق ، ثنا جعفر ، عن هشام ، عن محمد بن سيرين ، قال : لما أراد معاوية رضي الله عنه أن يستخلف يزيد ، بعث إلى عامل المدينة ، أن أوفد إلي من شاء ، قال : فوفد إليه عمرو بن حزم الأنصاري يستأذن ، فجاء حاجب معاوية رضي الله عنه يستأذن ، فقال : هذا عمرو قد جاء يستأذن ، فقال : ما جاء بهم إلي ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! يطلب معروفك ، فقال معاوية رضي الله عنه : إن كان صادقا ، فليكتب إلي ، أعطيه بما سأل ولا أراه ، قال : فخرج إليه الحاجب ، فقال : ما حاجتك ؟ اكتب ما شئت ، فقال : سبحان الله أجيء إلى باب أمير المؤمنين ، فأحجب عنه ، أحب أن ألقاه فأكلمه ، فقال معاوية رضي الله عنه للحاجب : عده إلى يوم كذا وكذا ، إذا صلى الغداة فليجئ ، قال : فلما صلى معاوية رضي الله عنه الغداة ، أمر بسريره فجعل في الإيوان ثم أخرج الناس عنه ، فلم يكن عنده أحد إلا كرسي وضع لعمرو ، فجاء عمرو رضي الله عنه فاستأذن ، فأذن له ، فسلم عليه ، ثم جلس على الكرسي ، فقال له معاوية رضي الله عنه : حاجتك ؟ قال : فحمد الله تعالى [ ص: 255 ] وأثنى عليه ، ثم قال : لعمري ، لقد أصبح يزيد بن معاوية رضي الله عنه واسط الحسب في قريش ، غنيا عن المال ، غنيا إلا عن كل خير ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله تعالى لم يسترع عبدا رعية إلا وهو سائله عنها يوم القيامة ، كيف صنع ؟ وإني أذكرك الله يا معاوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من تستخلف عليها ، قال : فأخذ معاوية رضي الله عنه ربو ونفس في غداة قر حتى عرق ، وجعل يمسح العرق عن وجهه مليا ، ثم أفاق ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإنك امرؤ ناصح ، قلت برأيك بالغ ما بلغ ، وإنه لم يبق إلا ابني وأبناؤهم ، فابني أحق من أبنائهم ، حاجتك ؟ قال : ما لي حاجة ، قال : قم ، فقال له أخوه : إنما جئنا من المدينة نضرب أكبادها من أجل كلمات ، قال : ما جئت إلا للكلمات ، فأمر لهم بجوائزهم ، وأمر لعمرو بمثليها .

[ ص: 256 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية