المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
4523 - وقال أحمد بن منيع : حدثنا حسين بن حسن بن عطية العوفي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : إنه سأل أبا سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن الدجال ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إن كل نبي قد أنذر قومه الدجال ، ألا وإنه قد أكل الطعام ، ألا وإني عاهد إليكم فيه عهدا لم يعهده نبي إلى أمته ، ألا وإن عينه اليمنى ممسوحة كأنها نخاعة في جانب حائط ، ألا وإن عينه اليسرى كأنها كوكب دري ، معه مثل الجنة والنار ، فالنار روضة خضراء ، والجنة غبراء ذات دخان ، وبين يديه رجلان ينذران أهل القرى ، كلما دخلا قرية أنذرا أهلها ، فإذا خرجا منه دخل أول أصحاب الدجال ، فيدخل القرى كلها غير مكة والمدينة ، حرمتا عليه ، والمؤمنون متفرقون في الأرض ، فيجمعهم الله تعالى ، فيقول رجل منهم : والله لأنطلقن فلأنظرن هذا الذي أنذرناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول له أصحابه : إنا لا ندعك تأتيه ، ولو علمنا أنه لا يفتنك لخلينا سبيلك ، ولكنا نخاف أن يفتنك فتتبعه ، فيأبى إلا أن يأتيه ، فينطلق حتى إذا أتى أدنى مسلحة من مسالحه أخذوه ، فسألوه : ما شأنه ؟ وأين يريد ؟ فيقول : أريد الدجال الكذاب ، فيقولون : أنت تقول ذلك ؟ فيكتبون إليه : إنا أخذنا رجلا يقول كذا وكذا ، فنقتله ، أم نبعث به إليك ؟ فيقول : أرسلوا به إلي ، فانطلقوا به إليه ، فلما رآه عرفه بنعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : أنت الدجال الكذاب الذي أنذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له الدجال : أنت تقول ذلك ؟ [ ص: 444 ] لتطيعني فيما آمرك به ، أو لأشقنك شقتين ، فينادي العبد المؤمن في الناس : يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب ، فيأمر به فمد رجليه ، ثم أمر بحديدة ، فوضعت على عجب ذنبه ، فشقه شقتين ، ثم قال الدجال لأوليائه : أرأيتم إن أحييت لكم هذا ، ألستم تعلمون أني ربكم ؟ فيقولون : نعم ، فيأخذ عصا فيضرب بها إحدى شقيه أو الصعيد ، فاستوى قائما ، فلما رأى ذلك أولياؤه صدقوه ، وأحبوه وأيقنوا به أنه ربهم واتبعوه ، فيقول الدجال للعبد المؤمن : ألا تؤمن بي ؟ فقال : أنا الآن أشد بصيرة فيك مني ، ثم نادى في الناس : يا أيها الناس هذا المسيح الكذاب ، من أطاعه فهو في النار ، ومن عصاه فهو في الجنة ، فقال الدجال : لتطيعني أو لأذبحنك ، فقال : والله لا أطيعك أبدا ، إنك لأنت الكذاب ، فأمر به ، فأضجع وأمر بذبحه فلا يقدر عليه ، لا يسلط عليه إلا مرة واحدة ، فأخذ بيديه ورجليه ، فألقي في النار ، وهي غير ذات دخان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذلك الرجل أقرب أمتي مني ، وأرفعهم درجة ، قال أبو سعيد رضي الله عنه ، قلت : فكيف يهلك ؟ قال : الله أعلم .

قلت : إن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام هو يهلكه ؟ قال : الله أعلم ، غير أن الله تعالى مهلكه ومن معه ، قلت : فماذا يكون بعده ؟ [ ص: 445 ] قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الناس يغرسون بعده الغروس ، ويتخذون من بعده الأموال ، قلت : سبحان الله أبعد الدجال ؟ قال : نعم ، فيمكثون في الأرض ما شاء الله أن يمكثوا ، ثم يفتح يأجوج ومأجوج ، فيهلكون من في الأرض إلا من تعلق بحصن ، فلما فرغوا من أهل الأرض أقبل بعضهم على بعض ، فقالوا : إنما بقي من في الحصون ومن في السماء فيرمون بسهامهم ، فخرت عليه متغيرة دما ، فقالوا : قد استرحتم ممن في السماء ، وبقي من في الحصون ، فحاصروهم حتى اشتد عليهم الحصر والبلاء ، فبينما هم كذلك إذ أرسل الله تعالى عليهم نغفا في أعناقهم ، فقصمت أعناقهم ، فمال بعضهم على بعض موتى ، فقال رجل : قتلهم رب الكعبة ، قال : إنما يفعلون هذا مخادعة ، فنخرج إليهم فيهلكونا كما أهلكوا إخواننا ، فقال : افتحوا لي الباب ، فقال أصحابه : لا نفتح ، فقال : دلوني بحبل ، فلما نزل وجدهم موتى ، فخرج الناس من حصونهم .

فحدثني أبو سعيد رضي الله عنه أن مواشيهم جعلها الله تعالى لهم حياة يقتضمونها ، ما يجدون غيرها ، قال : وحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الناس يغرسون بعدهم الغروس ، ويتخذون الأموال ، قال : قلت : فسبحان الله أبعد يأجوج ومأجوج ؟ قال : نعم ، فبينما هم في تجاراتهم إذ نادى مناد من السماء : أتى أمر الله ، ففزع أهل الأرض حين [ ص: 446 ] سمعوا الدعوة ، وأقبل بعضهم على بعض ، ثم أقبلوا على تجارتهم وأسواقهم وصناعتهم ، فبينما هم كذلك إذ نودوا مرة أخرى : يا أيها الناس أتى أمر الله ، فانطلقوا نحو الدعوة التي سمعوا ، وجعل الرجل يفر من غنمه وسلعه قبل الدعوة ، إذ لقوا الله ، وذهلوا في مواشيهم ، وعند ذلك عطلت العشار ، فبينما هم كذلك يسعون قبل الدعوة ، إذ لقوا الله تعالى في ظلل من الغمام ،
ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، فمكثوا ما شاء الله ، ثم نفخ فيه مرة أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ، ثم تجيء جهنم لها زفير وشهيق ، ثم ينادى ، فذكر الحديث بطوله
.

وقد أخرج أصحاب السنن منه قصة الشفاعة ، وقصة بعث النار ، وغير ذلك ، وفي سياق هذا بعض مخالفة وما في الصحيح أصح ، وبالله التوفيق .

[ ص: 447 ] [ ص: 448 ] [ ص: 449 ] [ ص: 450 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية