صفحة جزء
[ ص: 384 ] باب غزوة بدر الآخرة

أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، ببغداد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتاب العبدي ، قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه موسى بن عقبة .

(ح) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني، قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر ، قال: حدثنا محمد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب، وهذا لفظ حديث إسماعيل عن عمه موسى قال: ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر المسلمين لموعد أبي سفيان بدرا، وكان أهلا للصدق والوفاء صلى الله عليه وسلم، فاحتمل الشيطان أولياءه من [ ص: 385 ] الناس، فمشوا في الناس يخوفونهم وقالوا: قد أخبرنا وأنتم أن قد جمعوا لكم مثل الليل من الناس، يرجون أن يوافقوكم فينتهبوكم، فالحذر الحذر، لا تغدوا، فعصم الله عز وجل المسلمين من تخويف الشيطان، فاستجابوا لله ولرسوله، وخرجوا ببضائع لهم وقالوا: إن لقينا أبا سفيان فهو الذي خرجنا له، وإن لم نلقه ابتعنا ببضائعنا، وكان بدر متجرا يوافى في كل عام، فانطلقوا حتى أتوا موسم بدر، فقضوا منه حاجتهم، وأخلف أبو سفيان الموعد، فلم يخرج هو ولا أصحابه، وأقبل رجل من بني ضمرة بينه وبين المسلمين حلف فقال: والله إن كنا لقد أخبرنا أنه لم يبق منكم أحد، فما أعملكم إلى أهل هذا الموسم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يبلغ ذلك عدوه من قريش: "أعملنا إليه موعدأبي سفيان وأصحابه وقتالهم، وإن شئت مع ذلك نبذنا إليك وإلى قومك حلفكم ثم جالدناكم قبل أن نبرح منزلنا هذا" ، فقال الضمري: معاذ الله، بل نكف أيدينا عنكم، ونمسك بحلفكم، وزعموا أنه مر عليهم ابن حمام فقال: من هؤلاء؟ قالوا: رسول الله وأصحابه ينتظرون أبا سفيان ومن معه من قريش، فخرج يرتجز:


تهوى على دين أبيها الأتلد إذ نفرت من رفقتي محمد     وعجوة موضوعة كالجلمد
إذ جعلت ماء قديد موعد     وصبحت مياهها ضحى الغد

فذكروا أن ابن الحمام قدم على قريش فقال: هذا محمد وأصحابه [ ص: 386 ] ينتظرونكم لموعدكم، فقال أبو سفيان: قد والله صدق، فنفروا وجمعوا الأموال، فمن نشط منهم قووه، ولم يقبل من أحد منهم دون أوقية، ثم سار حتى أقام بمجنة من عسفان ما شاء الله أن يقيم، ثم ائتمر هو وأصحابه، فقال أبو سفيان: ما يصلحكم إلا عام خصب ترعون فيه السمر، وتشربون من اللبن، ثم رجع إلى مكة.

وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بنعمة من الله وفضل، فكانت تلك الغزوة تدعى غزوة جيش السويق، وكانت في شعبان سنة ثلاث".

التالي السابق


الخدمات العلمية