صفحة جزء
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن الغفاري، ببغداد ، حدثنا عثمان بن أحمد بن السماك، حدثنا أبو علي حنبل بن إسحاق بن حنبل، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا عبد الرحيم بن حماد، عن معاوية بن يحيى الصدفي، أنبأنا الزهري، عن خارجة بن زيد، قال: قال أسامة بن زيد [ ص: 25 ] : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجة التي حجها، حتى إذا كنا ببطن الروحاء، نظر إلى امرأة تؤمه فحبس راحلته، فلما دنت منه، قالت: يا رسول الله، هذا ابني، والذي بعثك بالحق ما أفاق من يوم ولدته إلى يومه هذا، قال: فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فوضعه فيما بين صدره وواسطة الرحل، ثم تفل في فيه، وقال: "اخرج يا عدو الله، فإني رسول الله" ، قال: ثم ناولها إياه، وقال: "خذيه فلا بأس عليه" ، قال أسامة: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته انصرف حتى إذا نزل بطن الروحاء أتته تلك المرأة بشاة قد شوتها، فقالت: يا رسول الله، أنا أم الصبي الذي لقيتك به في مبتدئك، قال: وكيف هو؟ " قال: فقالت: والذي بعثك بالحق ما رابني منه شيء بعد، فقال لي: " يا أسيم - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعاه رخمه - خذ منها الشاة، ثم قال: يا أسيم، ناولني ذراعها " فناولته وكان أحب الشاة إلى رسول الله مقدمها، ثم قال: "يا أسيم، ناولني ذراعا" فناولته، ثم قال: "يا أسيم، ناولني ذراعا" ، فقلت: يا رسول الله، إنما هما ذراعان وقد ناولتك، فقال: "والذي نفسي بيده، لو سكت لا زلت تناولني ذراعا ما قلت لك ناولني ذراعا" ، ثم قال: "يا أسيم، انظر هل ترى من خمر لمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟" فقلت: يا رسول الله، قد دحس الناس الوادي فما فيه موضع، فقال: "انظر هل ترى من نخل أو حجارة؟" فقلت: يا رسول الله، قد رأيت نخلات متقاربات ورجما من حجارة، قال: " انطلق إلى النخلات، فقل لهن: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركن أن تدانين لمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقل للحجارة مثل ذلك ".

قال: فأتيتهن فقلت ذاك لهن، فوالذي بعثك بالحق نبيا لقد جعلت أنظر إلى النخلات يخددن الأرض خدا حتى اجتمعن، وأنظر إلى الحجارة يتقافزن حتى [ ص: 26 ] صرن رجما خلف النخلات، فأتيته فقلت ذاك له، قال: "خذ الإداوة وانطلق" ، فلما قضى حاجته وانصرف، قال: " يا أسيم، عد إلى النخلات والحجارة، فقل لهن: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركن أن ترجعن إلى مواضعكن
".

قد مضى شواهد هذا الحديث في هذا الباب.

قلت: ولما روينا في حديث يعلى بن مرة في أمر البعير الذي شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حاله بإسناد صحيح وكأنه غير البعير الذي أرادوا نحره، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية