صفحة جزء
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله، أنبأنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال: حدثنا المقداد بن الأسود، قال: جئت أنا وصاحبان لي قد كادت تذهب أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقبلنا أحد حتى انطلق بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحله، ولآل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أعنز يحتلبونها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يوزع اللبن بيننا، وكنا نرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبه فيجيئ فيسلم تسليما يسمع اليقظان، ولا يوقظ النائم، فقال لي الشيطان لو شربت هذه الجرعة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي الأنصار فيتحفونه فما زال حتى شربتها، فلما شربتها ندمني، وقال: ما صنعت يجيء محمد صلى الله عليه وسلم ولا يجد شرابه فيدعو عليك فتهلك، فأما صاحباي فشربا شرابهما وناما، وأما أنا فلم يأخذني النوم وعلي شملة لي إذا وضعتها على رأسي بدت فيها قدماي، وإذا وضعتها على قدمي بدا رأسي، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم كما كان يجيء فصلى ما شاء الله أن يصلي، ثم نظر إلى شرابه فلم ير شيئا فرفع يده، فقلت يدعو الآن علي فأهلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني" ، فأخذت الشفرة وأخذت الشملة وانطلقت إلى الأعنز أجسهن أيهن أسمن كي أذبحه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هن حفل كلهن فأخذت إناء لآل محمد صلى الله عليه وسلم ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه، فحلبت حتى علته الرغوة، ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب، ثم ناولني فشربت، ثم ناولته فشرب، ثم ناولني فشربت، ثم ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض فقال لي: "إحدى سوآتك يا مقداد" ، فأنشأت [ ص: 86 ] أخبره بما صنعت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كانت إلا رحمة من الله لو كنت أيقظت صاحبيك فأصابا منها" فقلت والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتها أنت وأصبت فضلتك من أخطأت من الناس.

أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شبابة والنضر بن شميل، عن سليمان بن المغيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية