صفحة جزء
[ ص: 276 ] باب حديث أم معبد في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم

أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، من أصل [ ص: 277 ] كتابه، قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر، قال: حدثنا أبو زيد عبد الواحد بن يوسف بن أيوب بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن ثابت بن يسار الخزاعي الكعبي، بقديد، إملاء، قال: حدثني عمي سليمان بن الحكم عن جدي، أيوب بن الحكم الخزاعي، عن حزام بن هشام، عن أبيه، هشام عن جده، حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(ح) وحدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن ثابت بن يسار الخزاعي، بقديد، يعرف بأبي عبد الله بن أبي هشام القافة، قال: حدثنا أبي: محمد بن سليمان، قال: حدثنا عمي أيوب بن الحكم، عن حزام بن هشام، عن أبيه هشام، عن جده: حبيش بن خالد قتيل البطحاء، يوم فتح مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(ح) وأخبرنا أبو نصر بن قتادة، أخبرنا أبو عمرو بن مطر، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن موسى بن عيسى الحلواني، قال: حدثنا مكرم بن محرز بن مهدي، قال: حدثني أبي: محرز بن مهدي، عن حزام بن هشام بن حبيش بن خالد، عن أبيه عن جده [ ص: 278 ] حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , قتيل البطحاء، يوم الفتح، وهو أخو عاتكة بنت خالد" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخرج من مكة خرج منها مهاجرا إلى المدينة، هو وأبو بكر، ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة، ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط، مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت برزة جلدة تحتبي بفناء القبة ثم تسقي وتطعم , فسألوها لحما، وتمرا، ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وكان القوم مرملين مسنتين.

فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزناكم نحرها.

فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة، فقال: "ما هذه الشاة يا أم معبد؟" قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم.

قال: "أبها من لبن؟" وقال أبو زيد: "هل بها من لبن؟" قالت: هي أجهد من ذلك.

قال: "أتأذنين لي أن أحلبها" .

قالت: بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها.

فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح بيده ضرعها، وسمى الله تعالى، ودعا لها في شاتها، فتفاجت عليه ودرت واجترت.

ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أراضوا، ثم حلب فيه ثانيا بعد بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها، ثم بايعها، وارتحل عنها.

فقل ما لبثت جاءها زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا شاركن هزلي ضحا، مخهن قليل.

[ ص: 279 ] وقال أبو زيد: ضحا، مخهن قليل.

فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد، والشاء عازب حيال ولا حلوب في البيت؟ فقالت: لا والله , إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا.

قال: صفيه لي يا أم معبد.

قالت:
رأيت رجلا ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه نحلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم وقال محمد بن موسى: وسيما قسيما في عينه دعج، وفي أشفاره غطف، وفي صوته صهل، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن.

إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب.

حلو المنطق، فصل، لا نذر ولا هذر.

كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن.

ربعة لا بائن من طول ولا تقتحمه عين من قصر، غصنا بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند صلى الله عليه وسلم - فقال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا.

فأصبح صوت بمكة عاليا , يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:


جزى الله رب الناس خير جزاية رفيقين قالا خيمتي أم معبد [ ص: 280 ]     هما نزلاها بالهدى واهتدت به
فقد فاز من أمسى رفيق محمد     فيا لقصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا تجارى وسؤدد     ليهن بني كعب مقام فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد     سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد     دعاها بشاة حائل فتحلبت
له بصريح ضرة الشاة مزبد     فغادرها رهنا لديها بحالب
يرددها في مصدر ثم مورد

فلما سمع حسان بن ثابت الأنصاري، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، شبب يجاوب الهاتف، وهو يقول:


لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم     وقدس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم     وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم     وأرشدهم , من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا     عمايتهم هاد به كل مهتد
وقد نزلت منه على أهل يثرب     ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله     ويتلو كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غائب     فتصديقها في اليوم أو في ضحا الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده     بصحبته , من يسعد الله يسعد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم     ومقعدها للمؤمنين بمرصد"

لفظ حديث أبي نصر بن قتادة : قال أبو نصر : قال أبو عمرو بن مطر: قال أبو جعفر محمد بن موسى: فسألت مكرما عن اسم أم معبد؟ فقال: اسمها: عاتكة بنت خالد.

وكنيتها: أم معبد، وأبو معبد اسمه: أكثم بن أبي [ ص: 281 ] الجون، ويقال له: عبد العزى وحدثنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي، قال: حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع الخزاز، قال: حدثنا سليمان بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن ثابت بن يسار الخزاعي، قال: حدثنا أخي أيوب بن الحكم , وسالم بن محمد الخزاعي جميعا، عن حزام بن هشام، فذكره بإسناده نحوه بنقصان بيتين من شعر حسان في آخره، وقد ذكرهما في موضع آخر.

ورواه يعقوب بن سفيان الفسوي، عن مكرم بن محرز، دون الأشعار.

التالي السابق


الخدمات العلمية