صفحة جزء
أخبرنا أبو ذر بن أبي الحسين بن أبي القاسم المذكر، وأبو الحسن علي بن محمد المقرئ، قالا: أخبرنا الحسن بن إسحاق الإسفرايني، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء، قال: أخبرنا عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، قال: وذكر وهب بن منبه أن الله عز وجل لما قرب موسى نجيا، قال: رب إني أجد في التوراة أمة خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله فاجعلهم أمتي.

قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في التوراة أمة هم الآخرون من الأمم، السابقون يوم القيامة، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة محمد، قال: رب إني أجد في التوراة أمة أناجيلهم في صدورهم يقرؤونها وكان من قبلهم يقرؤون كتبهم نظرا ولا يحفظونها، فاجعلهم أمتي.

قال: تلك أمة أحمد.

قال رب، إني أجد في التوراة أمة يؤمنون بالكتاب الأول والآخر، ويقاتلون رؤوس الضلالة، حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أمتي.

قال: تلك أمة محمد.

قال: رب، إني أجد في التوراة أمة يأكلون صدقاتهم في بطونهم، وكان من قبلهم إذا أخرج صدقته بعث الله عليها نارا فأكلتها، فإن لم تقبل لم تقربها النار، فاجعلهم أمتي.

قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب، إني أجد في التوراة أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه، فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة وإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر حسنات إلى مائة ضعف، [ ص: 380 ] فاجعلهم أمتي.

قال: تلك أمة أحمد قال: رب إني أجد في التوراة أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم، فاجعلهم أمتي.

قال: تلك أمة أحمد.

قال: وذكر وهب بن منبه في قصة داود النبي صلى الله عليه وسلم، وما أوحي إليه في الزبور: يا داود، إنه سيأتي من بعدك نبي يسمى أحمد ومحمدا، صادقا سيدا، لا أغضب عليه أبدا، ولا يغضبني أبدا، وقد غفرت له قبل أن يعصيني ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأمته مرحومة، أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء، وافترضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل، حتى يأتوني يوم القيامة، نورهم مثل نور الأنبياء، وذلك أني افترضت عليهم أن يتطهروا لي لكل صلاة، كما افترضت على الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم.

وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم.

يا داود، فإني فضلت محمدا وأمته على الأمم كلها.

أعطيتهم ستة خصال لم أعطها غيرهم من الأمم: لا أؤاخذهم بالخطأ والنسيان، وكل ذنب ركبوه على غير عمد إذا استغفروني منه غفرته لهم، وما قدموا لآخرتهم من شيء طيبة به أنفسهم عجلته لهم أضعافا مضاعفة، ولهم في المدخور عندي أضعافا مضاعفة وأفضل من ذلك، وأعطيتهم على المصائب في البلايا إذا صبروا وقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون الصلاة والرحمة والهدى إلى جنات [ ص: 381 ] النعيم.

فإن دعوني استجبت لهم، فإما أن يروه عاجلا، وإما أن أصرف عنهم سوءا، وإما أن أدخره لهم في الآخرة.

يا داود، من لقيني من أمة محمد يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، صادقا بها , فهو معي في جنتي وكرامتي.

ومن لقيني، وقد كذب محمدا، وكذب بما جاء به، واستهزأ بكتابي، صببت عليه في قبره العذاب صبا، وضربت الملائكة وجهه ودبره عند منشره من قبره، ثم أدخله في الدرك الأسفل من النار ".

التالي السابق


الخدمات العلمية