صفحة جزء
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران، قال: حدثنا الحسين بن صفوان، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثني زكريا بن يحيى بن عمر البكائي قال: حدثني زحر بن حصن، عن جده حميد بن منهب قال: قال عمي عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لأم، يحدث عن مخرمة بن نوفل، عن أمه رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم، وكانت لدة عبد المطلب، قالت: تتابعت على قريش سنون أقحلت الضرع، وأرقت العظم، فبينما أنا قائمة - اللهم أو مهومة - إذا هاتف يصرخ بصوت صحل، يقول: معشر قريش، إن هذا النبي المبعوث منكم قد أظلتكم أيامه، وهذا إبان نجومه فحي هلا بالحيا والخصب ألا فانظروا رجلا منكم وسيطا عظاما جساما، أبيض بضا، أوطف الأهداب، سهل الخدين، أشم العرنين، له فخر يكظم عليه وسنة تهدي إليه، فليخلص هو وولده وليهبط إليه من كل بطن رجل، فليشنوا من الماء وليمسوا من الطيب، ثم ليتسلموا الركن، ثم ليرتقوا أبا قبيس، فليستسق الرجل وليؤمن القوم، فغثتم ما شئتم فأصبحت - علم الله - مذعورة، قد اقشعر جلدي، ووله عقلي، واقتصصت رؤياي، فوالحرمة والحرم ما بقي بها أبطحي إلا قالوا: هذا شيبة الحمد وتتامت إليه رجالات قريش، وهبط إليه من كل بطن رجل، فشنوا ومسوا واستلموا، ثم ارتقوا أبا قبيس، وطفقوا جنابيه ما يبلغ سعيهم مهله حتى إذا استوى بذروة الجبل قام عبد المطلب ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، غلام قد أيفع أو كرب فقال: اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة، أنت معلم غير معلم، ومسئول غير منجل، وهذه عبداؤك وإماؤك بعذرات حرمك، يشكون إليك سنتهم، أذهبت الخف والظلف اللهم فأمطرنا غيثا مغدقا مريعا فوالكعبة ما راموا حتى تفجرت السماء بمائها واكتظ الوادي بثجيجه فتسمعت شيخان قريش وجلتها: عبد الله بن جدعان، وحرب بن أمية، وهشام بن المغيرة، يقولون لعبد المطلب: هنيئا لك أبا البطحاء، أي عاش بك أهل البطحاء، وفي ذلك ما تقول رقيقة:

[ ص: 20 ]

بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا لما فقدنا الحيا واجلوذ المطر     فجاد بالماء جوني له سبل
سحا فعاشت به الأنعام والشجر     منا من الله بالميمون طائره
وخير من بشرت يوما به مضر     مبارك الأمر يستسقى الغمام به
ما في الأنام له عدل ولا خطر



التالي السابق


الخدمات العلمية