1. الرئيسية
  2. دلائل النبوة للبيهقي
  3. جماع أبواب المبعث
  4. باب ذكر العقبة الثانية وما جاء في بيعة من حضر الموسم من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم
صفحة جزء
[ ص: 455 ] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: "فجميع من شهد العقبة من الأوس والخزرج وأفناء القبائل سبعون رجلا وامرأتان من بني الخزرج إحداهما أم عمارة وزوجها وابناها، فجميع أصحاب العقبة مع المرأتين خمسة وسبعون نفسا" وسماهم ابن إسحاق وذكرهم ههنا مما يطول به الكتاب قال ابن إسحاق: فلما تفرق الناس عن بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، وكان الغد فتشت قريش عن الخبر والبيعة فوجدوه حقا، فانطلقوا في طلب القوم، فأدركوا سعد بن عبادة وأفلتهم منذر بن عمرو، فشدوا يدي سعد إلى عنقه بنسعة، وكان ذا شعر كثير، فطفقوا يجبذونه بجمته، ويصكونه، ويلكزونه إلى أن جاء مطعم بن عدي، والحارث بن أمية وكان سعد يجيرهما إذا قدما المدينة حتى أطلقاه من أيديهم وخليا سبيله.

وبهذا الإسناد عن ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: كانت حواء بنت زيد بن السكن، عند قيس بن عبيد الخطيب، كذا قال، وإنما هو ابن الخطيم بالمدينة، وكانت أمها عقرب بنت معاذ أخت سعد بن معاذ، فأسلمت حواء، فحسن إسلامها، وكان زوجها قيس على كفره، فكان يدخل عليها وهي تصلي، فيؤذيها، وكان لا يخفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة أمر يكون بالمدينة إلا بلغه وأخبر به.

[ ص: 456 ] قال قيس فقدمت مكة في رهط من مشركي قومي حجاجا، فبينا نحن إذ جاء رجل يسأل عني فدل علي، فأتاني فقال: أنت قيس قلت: نعم , قال: زوج حواء؟ قلت: نعم , قال: فما لك تعبث بامرأتك وتؤذيها على دينها؟ فقلت: إني لا أفعل.

قال: فلا تفعل ذلك بها دعها لي، قلت: نعم , فلما قدم قيس المدينة ذكر ذلك لامرأته وقال: فشأنك بدينك، فوالله ما رأيته إلا حسن الوجه حسن الهيئة
وبهذا الإسناد عن ابن إسحاق قال: " كان معاذ بن عمرو بن الجموح قد شهد العقبة، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وكان عمرو سيدا من سادات بني سلمة، وكان قد اتخذ في داره صنما من خشب يقال له: منافة فلما أسلم فتيان بني سلمة معاذ بن جبل وابنه معاذ بن عمرو وغيرهما كانوا يدخلون بالليل على صنم عمرو فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة، وفيها عذر الناس منكسا على رأسه، فإذا أصبح عمرو قال: ويلكم من عدا على إلهنا في هذه الليلة، ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطهره وطيبه، ثم قال: أما والله لو أعلم من يصنع هذا بك لأحرقه، فإذا أمسى وقام عمرو عدوا عليه ففعلوا به مثل ذلك، وفعل مرات، فلما ألحوا عليه استخرجه من حيث ألقوه فغسله وطهره وطيبه , ثم جاء بسيفه فعلقه عليه، ثم قال: إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى، فإن كان فيك خير فامتنع، فهذا السيف معك، فلما أمسوا ونام عدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه، ثم أخذوا كلبا ميتا، فعلقوه، وقرنوه بحبل، ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر الناس، وغدا عمرو فلم يجده، فخرج يتبعه حتى وجده في البئر منكسا مقرونا بكلب ميت، فلما رآه أبصر شأنه وكلمه من أسلم من قومه، فأسلم عمرو بن الجموح، فحسن إسلامه، فقال عمرو حين أسلم، وعرف من الله ما عرف وهو يذكر صنمه ذلك:


تالله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر في قرن [ ص: 457 ]     أف لمصرعك إلها مستدن
الآن فتشناك عن سوء الغبن     الحمد لله العلي ذي المنن
الواهب الرزاق وديان الدين     هو الذي أنقذني من قبل أن
أكون في ظلمة قبر مرتهن

بأحمد المهدي النبي المؤتمن".

التالي السابق


الخدمات العلمية