صفحة جزء
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا روح، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قال: ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه فقالوا: ما نراه إلا ينطلق لبعض حاجته، حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: "يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟" فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها؟ فقال: "والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" .

قال قتادة : "أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندامة"
.

[ ص: 93 ] رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن محمد ، ورواه مسلم عن محمد بن حاتم ، كلاهما عن روح بن عبادة .

وفي قول قتادة هذا جواب عما روي عن عائشة ، من إنكارها إسماع الموتى فيما أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى بن الفضل، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، قال: حدثنا يونس بن بكير ، عن هشام، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: "إنهم ليسمعون ما أقول" فقالت عائشة : " ليس هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما قال: " إنهم ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق، إنهم قد تبوؤوا مقاعدهم من النار، إن الله عز وجل يقول: إنك لا تسمع الموتى ، وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير " أخرجه البخاري من حديث أبي أسامة وغيره، عن هشام بن عروة وما روت لا يدفع ما روى ابن عمر، فإن العلم لا يمنع من السماع، وقد وافقه في روايته من شهد الوقعة أبو طلحة الأنصاري، واستدلالها بقوله: إنك لا تسمع الموتى فيه نظر، لأنه لم يسمعهم وهم موتى، لكن الله تعالى أحياهم حتى [ ص: 94 ] أسمعهم كما قال قتادة توبيخا لهم وتصغيرا وحسرة وندامة.

التالي السابق


الخدمات العلمية