صفحة جزء
[ ص: 154 ] باب ما جاء في زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس وهجرتها من مكة إلى أبيها بعد بدر

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أخبرنا أحمد بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه، عن عائشة ، قالت: لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا" ، قالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أو وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلي زينب إليه ".

قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: لما أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا العاص بن الربيع، وكان في الأسارى يوم بدر، بعث زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار فقال: "كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما [ ص: 155 ] زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاصحباها حتى تقدما بها" ، فخرجا بعد مخرج أبي العاص فظنوا أنه قد وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ذلك قال ابن إسحاق: وذلك بعد بدر بشهر.

قال عبد الله بن أبي بكر : فحدثت عن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت: لما قدم أبو العاص مكة قال لي: تجهزي فالحقي بأبيك، فخرجت أتجهز فلقيتني هند بنت عتبة فقالت: يا بنت محمد، ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ فقلت لها: ما أردت ذلك، فقالت لها: أي بنت عم، لا تفعلي، إني امرأة موسرة، وعندي سلع من حاجتك، فإن أردت سلعة بعتكها، أو قرضا من نفقة أقرضتك، فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال، قالت: فوالله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل فخفتها فكتمتها، وقلت: ما أريد ذلك، فلما فرغت زينب من جهازها ارتحلت، وخرج بها حموها يقود بها نهارا كنانة بن الربيع، وتسامع بذلك أهل مكة، وخرج في طلبها هبار بن الأسود، ونافع بن عبد القيس الفهري، وكان أول من سبق إليها هبار، فروعها بالرمح وهي في هودجها، وبرك حموها كنانة، ونثر نبله ثم أخذ قوسه وقال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما، وأقبل أبو سفيان في أشراف قريش فقال: يا هذا أمسك عنا نبلك حتى نكلمك، فوقف عليه أبو سفيان وقال: إنك لم تصنع شيئا خرجت بالمرأة على رؤوس الناس، وقد عرفت مصيبتنا التي أصابتنا ببدر، فتظن العرب وتتحدث أن هذا وهن منا وضعف خروجك إليه بابنته على رؤوس الناس من بين أظهرنا، ارجع بالمرأة فأقم بها أياما ثم سلها سلا رفيقا في الليل فألحقها بأبيها، فلعمري ما لنا بحبسها عن أبيها حاجة، وما لنا في ذلك من ثؤرة فيما أصاب منا. ففعل، فلما مر به يومان أو ثلاثة سلها فانطلقت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا أنها قد كانت ألقت - للروعة التي أصابتها حين روعها هبار ابن أم [ ص: 156 ] درهم - ما في بطنها.

التالي السابق


الخدمات العلمية